( ممَا جَاءَ فِيمن : يُخْدَعُ فِي الْبَيْعِ )
حَدَّثَنَايُوسُفُ بْنُ حَمَّادٍ الْبَصْرِيُّحَدَّثَنَاعَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى
عَنْسَعِيدٍعَنْقَتَادَةَرضى الله تعالى عنهم
عَنْأَنَسٍرضى الله تعالى عنه
[ أَنَّ رَجُلًا كَانَ فِي عُقْدَتِهِ ضَعْفٌ وَ كَانَ يُبَايِعُ
وَ أَنَّ أَهْلَهُ أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ احْجُرْ عَلَيْهِ
فَدَعَاهُ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ فَنَهَاهُ
فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَا أَصْبِرُ عَنْ الْبَيْعِ
فَقَالَ صلى الله عليه و سلم
( إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ هَاءَ وَ هَاءَ وَ لَا خِلَابَةَ )
قَالَ أَبُو عِيسَى وَ فِي الْبَاب عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَ حَدِيثُأَنَسٍحَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ
وَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ
وَ قَالُوا الْحَجْرُ عَلَى الرَّجُلِ الْحُرِّ فِي الْبَيْعِ وَ الشِّرَاءِ إِذَا كَانَ ضَعِيفَ الْعَقْلِ
وَ هُوَ قَوْلُأَحْمَدَوَ إِسْحَقَوَ لَمْ يَرَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُحْجَرَ عَلَى الْحُرِّ الْبَالِغِ .
قَوْلُهُ : ( أَنَّ رَجُلًا كَانَ فِي عُقْدَتِهِ )
قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ : فِي رَأْيِهِ وَنَظَرِهِ فِي مَصَالِحِ نَفْسِهِ . انْتَهَى ،
وكَانَ اسْمُ ذَلِكَ الرَّجُلِ حِبَّانَ بْنَ مُنْقِذٍبِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ الثَّقِيلَةِ
( ضَعْفٌ ) أَيْ : كَانَ ضَعِيفَ الْعَقْلِ وَالرَّأْيِ
( احْجُرْ عَلَيْهِ ) بِضَمِّ الْجِيمِ : أَمْرٌ مِنَ الْحَجْرِ ، وَهُوَ الْمَنْعُ مِنَ التَّصَرُّفِ ،
وَمِنْهُ : حَجْرَ الْقَاضِي عَلَى الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ
إِذَا مَنَعَهُمَا مِنَ التَّصَرُّفِ مِنْ مَالِهِمَا ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ
( فَنَهَاهُ ) أَيْ : عَنِ الْمُبَايَعَةِ
( فَقُلْ هَاءَ وَهَاءَ ) تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ وَتَفْسِيرُهُ فِي بَابِ الصَّرْفِ
( وَلَا خِلَابَةَ ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ أَيْ : لَا خَدِيعَةَ ،
وَلَا لِنَفْيِ الْجِنْسِ ، أَيْ : لَا خَدِيعَةَ فِي الدِّينِ ؛ لِأَنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ ،
قَالَالنَّوَوِيُّ: وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْخَاصًّا فِي حَقِّهِ ،
وَ أَنَّ الْمُغَابَنَةَ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ لَازِمَةٌ، لَا خِيَارَ لِلْمَغْبُونِ بِسَبَبِهَا
سَوَاءٌ قَلَّتْ ، أَوْ كَثُرَتْ ، وهَذَامَذْهَبُالشَّافِعِيِّوَأَبِي حَنِيفَةَوَآخَرِينَ ،
وَهِيَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْمَالِكٍ،
وقَالَ الْبَغْدَادِيُّونَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ : لِلْمَغْبُونِ الْخِيَارُ لِهَذَا الْحَدِيثِ
بِشَرْطِ أَنْ يَبْلُغَ الْغَبَنُ ثُلُثَ الْقِيمَةِ ، فَإِنْ كَانَ دُونَهُ فَلَا ،
والصَّحِيحُ الْأَوَّلُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَثْبَتَ لَهُ الْخِيَارَ ،
وَإِنَّمَا قَالَ لَهُ : قُلْ لَا خِلَابَةَ أَيْ : لَا خَدِيعَةَ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا ثُبُوتُ الْخِيَارِ ،
وَ لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ ، أَوْ أَثْبَتَ لَهُ الْخِيَارَ كَانَتْ قَضِيَّةَ عَيْنٍ لَا عُمُومَ لَهَا
فَلَا يَنْفُذُ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ . انْتَهَى .
قَوْلُهُ : ( و فِي الْبَابِ عَنِابْنِ عُمَرَ)
أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ ،وَ أَبُو دَاوُدَ،وَ النَّسَائِيُّ .
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُأَنَسٍحَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ )
وَأَخْرَجَهُأَبُو دَاوُدَ،وَالنَّسَائِيُّ،وَابْنُ مَاجَهْوَسَكَتَ عَنْهُأَبُو دَاوُدَوَالْمُنْذِرِيُّ.
قَوْلُهُ : ( وَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِالْعِلْمِ ،
و قَالُوا الْحَجْرُ عَلَى الرَّجُلِ الْحُرِّ إِلَخْ )
وَاسْتَدَلُّوابِحَدِيثِأَنَسٍالْمَذْكُورِ ،
وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ أَهْلَ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ فِي عُقْدَتِهِ ضَعْفٌ لَمَّا قَالُوا :
يَا رَسُولَ اللَّهِ احْجُرْ عَلَيْهِ ، لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ
فَلَوْ كَانَ الْحَجْرُ عَلَى الْحُرِّ الْبَالِغِ لَا يَصِحُّ لَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ ،
واسْتَدَلَّ أَيْضًا بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِالْحَجْرِ عَلَى الْحُرِّ الْبَالِغِ
بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحْجُرْ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ ،
فَلَوْ كَانَ الْحَجْرُ عَلَى الْحُرِّ الْبَالِغِ جَائِزًا لَحَجَرَ عَلَى ذَلِكَ وَمَنَعَهُ مِنَ الْبَيْعِ ، فَتَأَمَّلْ