الأخت الزميلة / جنان الورد
الشيخ السعدي رحمه الله يصف حالنا
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آلهوصحبه أجمعين .
يقول الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه اللهمعلقاً وشارحاً
حديث النبي عليه الصلاة والسلام:
( يأتي على الناس زمانٌ ؛ القابض على دينه كالقابض علىالجمر )
وما أشبه زماننا هذا بهذا الوصف الذي ذكره صلىالله عليه وسلم ،
فإنه ما بقي من الإسلام إلا اسمه , ولا من القرآن إلا رسمه ،إيمانٌ ضعيف ,
وقلوبٌ متفرّقة , وحكوماتٌ متشتتة , وعداوات وبغضاء باعدت
بينالمسلمين ، وأعداءٌ ظاهرون وباطنون , يعملون سرّاً للقضاء على الدين
وإلحادوماديّات , جرفت بخبيث تيّارها وأمواجها المتلاطمة الشيوخ والشبّان
ودعايات إلىفساد الأخلاق والقضاء على بقيّة الرَّمَق ،
ثم إقبالُ الناس على زخارف الدنيا ؛بحيث أصبحت هي مبلغ علمهم وأكبر
همهم , ولها يرضون ويغضبون ، ودعاية خبيثة للتزهيدفي الآخرة ,
والإقبال بالكليّة على تعمير الدنيا , وتدمير الدين , واحتقارهوالاستهزاء
بأهله , وبكل ما يُنسب إليه , وفخرٌ وفخفخة ، واستكبار بالمدنياتالمبنية
على الإلحاد التي آثارها وشرورها قد شاهده العباد ،
فمع هذه الشرورالمتراكمة والأمواج المتلاطمة , والمزعجات الملمة ,
والفتن الحاضرة والمستقبلةالمدلهمة - مع هذه الأمور وغيرها
تجد مصداق هذا الحديث ، ولكن مع ذلك ؛ فإنالمؤمن لا يقنط من رحمة الله
ولا ييأس من روح الله , ولا يكون نظره مقصوراً علىالأسباب الظاهرة ,
بل يكون ملتفتاً في قلبه كل وقت إلى مسبب الأسباب , الكريمالوهاب ,
ويكون الفرج بين عينيه , ووعده الذي لا يُخلفه ،
بأنه سبحانه سيجعل بعدعسرٍ يسراً , وأن الفرج مع الكرب ,
وأن تفريج الكربات مع شدة الكربات وحلولالمفظعات ،
فالمؤمن من يقول في هذه الأحوال : لا حول ولا قوة إلا بالله ,
وحسبناالله ونعم الوكيل , على الله توكلنا , اللهم لك الحمد ,
وإليك المشتكى , أنتالمستعان وبك المستغاث ,
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
ويقوم بما يقدر عليه من الإيمان والنصح والدعوة ,
ويقنع باليسير إذا لم يمكن الكثير , وبزوال بعض الشرّ وتخفيفه
{ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا }
{ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ }
{ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا }
نقلاً من كتاب : [ بهجة قلوب الأبرار ] للشيخ ابن سعديرحمه الله