سماع الجن لقراءة رسول الله عليه الصلاة و السلام
البداية والنهاية لإبن كثير رحمه الله تعالى
وقد ذكر محمد بن إسحاق سماع الجن لقراءة
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك مرجعه من الطائف حين بات بنخلة
وصلى بأصحابه الصبح، فاستمع الجن الذين صرفوا إليه قراءته هنالك.
[ وكانوا سبعة نفر من جن أهل نصيبين وأنزل الله تعالى فيهم قوله:
{ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِ ّ}
قلت: وقد تكلمنا على ذلك مستقصى في التفسير،
وتقدم قطعة من ذلك والله أعلم. ]
ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة مرجعه من الطائف في جوار
المطعم بن عدي، وازداد قومه عليه حنقاً وغيظاً وجرأةً وتكذيباً وعناداً،
والله المستعان وعليه التكلان.
وقد ذكر الأموي في (مغازيه):
[ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أريقط إلى الأخنس بن شريق،
فطلب منه أن يجيره بمكة ]
فقال: إن حليف قريش لا يجير على صميمها، ثم بعثه إلى سهيل بن عمرو
ليجيره فقال: إن بني عامر بن لؤي لا تجير على بني كعب بن لؤي،
فبعثه إلى المطعم بن عدي ليجيره فقال: نعم قل له: فليأت.
فذهب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فبات عنده تلك الليلة،
فلما أصبح خرج معه هو وبنوه ستة - أو سبعة - متقلدي السيوف جميعاً،
فدخلوا المسجد وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
طف واحتبوا بحمائل سيوفهم في المطاف،
فأقبل أبو سفيان إلى مطعم فقال: أمجير أو تابع؟
قال: إذاً لا تخفر، فجلس معه حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم
طوافه، فلما انصرف انصرفوا معه وذهب أبو سفيان إلى مجلسه.
قال: فمكث أياماً، ثم أذن له في الهجرة
فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة توفي مطعم بن عدي
فقال حسان بن ثابت: والله لأرثينه فقال فيما قال:
فلـو كـان مجـد مخلـد اليـوم واحـد من الناس نحي مجده اليوم مطعما
أجرت رسـول الله منهـم فأصبحـوا عـبـادك مــا لـبـى مـحـل وأحـرمــا
فـلـو سئـلـت عـنـه مـعـد بأسـرهـا وقحطـان أو بـاقـي بقـيـة جرهـمـا
لقالـوا هـو الموفـي بخفـرة جــاره وذمـتــه يـومــاً إذا مـــا تـجـشـمـا
وما تطلع الشمس المنيـرة فوقهـم عـلـى مثـلـه فيـهـم أعــز وأكـرمــا
إبـــاءً إذا يـأبــى وألــيــن شـيـمــة وأنـوم عـن جـار إذا اللـيـل أظلـمـا
قلت: ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم أسارى بدر:
( لو كان المُطْعَمُ بنُ عَدِيٍّ حيًا ، ثم كلَّمني في هؤلاءِ النَّتْنَى ، لتركتهم لهُ )
في الله اخوكم مصطقى آل حمد