الأخت الزميلة / نـــانـــا
رسالة أُمي الأخيرة على الثلاجة
موضوع قد سبق وارسلته للقروبات
وها انا اعيد نشره مرة أخرى متضمن رد مميز وتصوير مبهر بأسلوب شيق
جميل من الدكتور نور المعداوي حفظه الله ورعاه
فاحببت ان اعيد ارساله في هذا اليوم الذي يصادف اليوم العالمي للأم
وبعد اذن اخي العزيز عدنان الياس الله يطول لنا بعمره على مجهوداته
الدائمة لفعل الخير فجزاك الله خيرا الجزاء !!!
الأخ الدكتور / نور المعداوى
كم تذرف عين كل أبن حينما يقرا رسائل أمه
و كم من رسائل تصلنا بعد إنتقالها الى جوار ربها أرحم الراحمين
كم قطرة لبن و حنان أيقظت فينا الحياة
كم لمسة على خدي و هي تمسح دموعي طفلا و مراهقا
كم مرة وضعت يدها المباركة و هي ترقيني و أنا ذاهب للإمتحان
كم عيناها طيبة و هي تدمع و هي تودع أحب الناس لها
كم موقفها و هي تصلي و تبكي إبنها الأحب لقلبها و الأبر بها
( لست وحدى بل كلاً منا كان الأحب لها )
كيف أنسى صلاتها في الليل و هي مريضه و تتوضأ في عز البرد
و لا تنسى أبدا أن معنى دخولها الحمام هو الوضوء و الصلاة في كل مرة
بلا تخلف مرة واحدة و هي تقارب التسعين من عمرها
كم مرة سامحت و دعت لمن ظلمها و أساء لها
إن دعوتي لها هي أن تكون الآن بخير عميم و هي في طاعة ربنا
و تناصر أهل الحق بكل ما أوتيت من عقل و مال و قوة و أنا أسمع ذلك منها
أقول رحمك الله أمي فقد أستجاب ربي لكي و أقول هذه من أعظم رسائلك
يعني أبذل الجهد و سامح و أعف و سامح و أدعو كثيرا لمن ظلمك
كم مرة نصحتيني و صارحتيني بخطائ و لم تتركيني في حالي
و لم تسكتي أبدا عن شيئ لا يروقك بعينك الحبيبة و قلبك المؤمن
كنت أحزن ساعتها و لكن رسالتك وصلت الأن عندما أصبحت أباً و جداً
و أحسست أنني أرد عليكي ربنا الله يجزيكِ الله خيراً .
من أيام أتصل بي حفيدك أيمن و قال لي مرت مائة عام على مولد نينه
أحفادك تعلموا منكِ الكثير و لازالوا ينشروا رسائلك بين الناس
من أعوام وصلتني منكِ رسالة عن طريق بائعة الخضار الفقيرة في الدقي
رأتني أسير بالسيارة فأتجهت لي فورا و أوقفتني و نزلت
فقالت : ألا تذكرني أنا حبيبه أمك و هي لم تنسني أبدا ،
فرق قلبي و ذرف دمعي و قلت لها أنتِ أمي بعدها لقد كبر سنها ياأمي
و هي لا تزال تجلس على نفس الرصيف و تبيع الخضار و النعناع
و مازالت تدعو الله لك و لو رأيتي النور في عينها لما رأتني
ذلك النور الرباني هو رساله منكِ و أنتِ في قبرك
كيف لى أن أنسى رسالة الخمسة جنيه التي أعطيتيها لي مرارا
كي أقدم على هاتف لمنزلي و أنا أخذها و أشتري بها أشياء أهم لبيتي
ثم تعيدي الكرة مرات عديدة ، بالله كيف لى أن أنساها
كيف أنسى آنسك بزوجتي و تفضيلك لها عني في كل مشكلة حكمة
أحتجتها و رسالة أوصلتها لكل خلاف بين أزواج و السبب أهل الزوجة
أعلمهم كيف كانت أمي الحكيمة التي لم تكمل تعليمها تعلم الكبار
و الأساتذة رسالة العقل و الحرص على البيوت
كيف اأنسى رسالتك لي عندما قالت شوف اليهود فين
و خالف طريقهم في كل حاجة و أعرف أن ربنا يكون معاك .
و قالت لي لا يمكن ربنا يخلي اليهود يغلبوا في الأخر
لا أنسى رسالتك عندما كنت أصلي في المسجد و أغيب في الرغي
مع أصحابي و لما أرجع تقول يا بُنيَّ المذاكرة الأن أهم من رغيك
جنب المسجد و دي أهم حاجة تقدمها لربنا بعد الفرض
و في القلب منها و العقل منها الكثير
همتك أمي في تلاوة القرآن و دعوة كل من يزورك إلى الإيمان
و نشر كلام العلماء مثل الد كتور عمر عبد الكافي كنتي تسمعي
ثم تنقلي للناس كنتي تعلمي الفقراء و الجيران الصلاة و الفاتحة
كان عندك همة تعلم تلاوة القرآن من أصغر أولادك
كان عندك همة تلاوة القرآن و تهديها لكل الأنبياء و الصالحين و زوجك
و أولادك و أزواجهم و أحفادك لم تملي يوما من تلاوة القران
تواصلت رسائلك للناس من الزوار كأنهم يساعدونك أو تساعديهم
على التلاوة و الأذكار نسيتي أولادك و لم تنسي الأذكار و القرآن
و ما قرأ زائر ذكرا أو آية إلا أكملتيها في تواصل عجيب لقد ودعتي الدنيا
{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ }
أمي دعونا لكي فأستجاب القريب سبحانه و أخذت الملائكة
طول عمرك قريبة من ربنا دائما كنتي تشدي أيدينا لربنا
أنا خايف أن لا أجاورك أمي الحبيبة فى الجنة
و لكن أُشهِد الله إني أحبك من كل قلبي
و أحب حبك لربي و أحب جهدكي و أحب تواضعك
و أحب عطائك و أحب حب الناس لكي
و أرجو أن يحشرني ربي معكم رغم قلة الجهد و ضعف الهمة
ربنا يحسن ختامي و نحصلك على خير يارب
أبنك الغلبان قوي و الصغير قوي
و اللي كنتي بتحبيه قوي و هو بيحبك قوي
و أضيف لكم : الذى يبكينا قوى و يذكرنا قوى
جزاه الله الخير قوى قوي ،
الأختالزميلة / نـــانـــا
رسالة أمي الأخيرة .. على الثلاجة
في فترة المراهقة كنت أبتعد كثيرا عن البيت و أتأخر في العودة ،
و كان ذلك يغضب أمي كثيرا ؛ لأنني لا آكل في البيت ،
و لأنني كنت أقضي معظم النهار نائما و لا أعود ليلا إلا متأخرا بعدما تنام أمي ،
فما كان منها إلا أن بدأت تترك لي قبل أن تنام رسالة على باب الثلاجة ،
وهي عبارة عن إرشادات لمكان الطعام و نوعه و كيفية تجهيزه ،
و بمرور الأيام تطورت الرسالة فأصبحت طلبات لوضع الملابس المتسخة
في الغسيل و تذكير بالمواعيد المهمة ،
و هكذا مرت فترة طويلة من مراهقتي على هذا الحال ،
و ذات ليلة ، عدت إلي البيت ، فوجدت الرسالة المعتادة على الثلاجة ،
فتكاسلت عن قراءتها ، و خلدت للنوم ،
و في الصباح فوجئت بأبي يوقطني و الدموع في عينيه ،
كم آلمني الخبر و تماسكت حتى دفناها و تقبلنا العزاء ،
و في المساء عدت لبيت و في صدري بقايا قلب من كثرة الأحزان ،
و تمددت على سريري ، و فجأة قمت منتفضا ،
لقد تذكرت رسالة أمي التي على الثلاجة ، فأسرعت نحو المطبخ ،
و خطفت الورقة ، و قرأتها ، فأصابني حزن شديد هذه المرة
لم يكن بالرسالة أوامر و لا تعليمات و لا نصائح ، فقط كان مكتوبا فيها :
" ابني الحبيب ، وحشتني كثيرا ،
و أتمنى أن نجلس معا فأنا أمك ،
و أنا متأكدة أن في داخلك خير كثير سيظهر يوما ما ،
على العموم أسامحك و أحبك ، أمك "
و من يومها تغير حالي ، وهدأت روحي ، و انتهت مراهقتي ،
و بدأ عهد الرجولة ، و عملا بوصية أمي التي كانت تريد الجلوس معي ،
فقد أصبحت أزورها في قبرها كثيرا ،
و آنس بها و أدعو لها بالرحمة و المغفرة .
إنها قصة حقيقية ،،
اخترتها لكم من كتاب فن صناعة الذكريات مع الأبناء
ليت كل من كانت أمه على قيد الحياة أن يرعها حق رعايتها،
ويحاول - جاهدا - أن يرد إليها بعض الدين العظيم،
ولن يدرك أحد قيمة الكنز الذى بحوزته إلا إذا فقده ...
بارك الله فى الأمهات على قيد الحياة، ورحم أمهاتنا،
وتغمدهن برحمته الواسعة، وأعاننا على برهن ... بعد الفراق الصعيب!