بيت عطاء الخير الاسلامي

بيت عطاء الخير الاسلامي (http://www.ataaalkhayer.com/index.php)
-   رسائل اليوم (http://www.ataaalkhayer.com/forumdisplay.php?f=27)
-   -   الرد على الإساءة بالإساءة (http://www.ataaalkhayer.com/showthread.php?t=58694)

حور العين 11-14-2018 08:38 AM

الرد على الإساءة بالإساءة
 
من الإبنة/ إسراء المنياوى

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9642

الرد على الإساءة بالإساءة
أ. فيصل العشاري

السؤال

♦ الملخص:
شاب كان يعمل لدى رجلٍ ثريٍّ، وكان الرجلُ يُحمِّلُه فوق طاقته ويستغله

أشد استغلال، والآن بعد أن لَم تكنْ له حاجة في العمل يُفكِّر في استغلاله كما كان يفعل معه.

♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب كنتُ أعمل معلمًا لأسرة رجل ثري، وتحت الضغوط المادية قبلتُ
أن أعمل أكثر مِن عمل معهم، وأخلصتُ لهم في عملي، وتحملتُ إهمالهم
لي وضغوطهم عليَّ، ولحرصي على الوظيفة كانوا يَضغطون عليَّ!

بعد عامينِ مِن العمل ظَهَرَتْ لديَّ أعراض تعب، فذهبتُ إلى الطبيبِ
وأخبرني أنَّ ما أشكو منه هو القولون العصبي،
بسبب التراكُمات والضغوط النفسية.

والآن بعد أربعة أعوام لم أعدْ في حاجةٍ إلى هذا العمل، وأفكر الآن أن
أعامِلَه بالمثل، وأستغل حاجته الشديدة لي كما كان يَفْعَل لي،
فالأولادُ الآن في فترة امتحانات، وبإمكاني أن أَضُرَّهم،
وأكون سببًا في فشلهم الدراسي.

تَتَمَلَّكني الرغبةُ في الانتقام مِن شخصٍ قابَلَ إخلاصي بالخداع والضغط
على صحتي ونفسي، ولا شك عندي أن مثل هذا مريض نفسي، لكني أقف الآن في حيرة.

أشيروا عليَّ هل أفعل معه كما فعل معي؟

الجواب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نُقدِّر لك الظروف التي مَرَرْتَ بها، والضغط النفسي الهائل الذي تَحَمَّلْتَهُ
حتى أثَّر فيك بالقولون العصبي، ولكن ينبغي أن نفصلَ بين أمرين:
بين الإخلاص في العمل الذي تتقاضى عليه أجرًا، وبين الانتقام بسبب الإساءة.

فالإخلاصُ في العمل لا علاقةَ له بموضوع الانتقام؛ لأنك تتقاضى
أجرًا على أداء العمل، وينبغي أنْ تؤدِّيه بإخلاصٍ وكفاءة مهنيةٍ
، فإن حصل تقصيرٌ في هذا الجانب فستكون مُؤاخَذًا، أمَّا الجانبُ الثاني
وهو ردُّ الإساءة بالإساءة، فقد قال الله تعالى:
{ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ }
[الشورى: 40]،
فالشطرُ الأول مِن الآية بَيَّن الجانبَ القانوني في رد الإساءة وحقك في ذلك،
والشطر الثاني بَيَّن الجانبَ الأخلاقيَّ في الترفُّع عن الإساءة، وعدم الرد بالمثل.

على أنه ينبغي أن تلاحظَ ها هنا أمرًا هامًّا، وهو أنك ذكرتَ أنك لا تشكُّ
أنَّ رب العمل مريضٌ نفسي، فإن كان الأمرُ كذلك فلا يصلح محلًّا للانتقام
ورد الإساءة لأنه مريض، حتى لو كان مريضًا نفسيًّا،
فمسمى المرض والعُذر يَشْمَلُه وإن كان بنسبةٍ محدودة،
وكل شخص سيَلْقَى جزاءه عند ربه.

ومِن المفيد أن تُذكِّرَ نفسك بجزاء الصبر والحلم والعفو والصفح، فقد
وصف اللهُ عزَّ وجلَّ عبادَه المؤمنين بهذه الصفات الرائعة فقال:
{ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ
أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ
الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا
فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ *
أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ }
[آل عمران: 133 - 136].
كما روى الإمامُ الترمذي وغيره عن معاذ بن أنس عن أبيه رضي الله عنهما،
أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
( مَن كَظَم غيظًا وهو قادرٌ على أن يُنفذه، دعاه الله عز وجل على
رؤوس الخلائق حتى يُخيِّره مِن الحور ما شاء ).

وهكذا ستجد نصوصًا كثيرةً كلها تحثُّ على العفو والحلم؛
لأنَّ أجر الآخرة أعظم وأجل، والعاقلُ هو الذي يبحث عن الربح الأفضل.

فأنت الآن بين خيارينِ:
♦ إما أن تنتقمَ، ولا تستفيد مِن انتقامك شيئًا.
♦ وإما أن تصبرَ وتنال أجرًا عظيمًا في الآخرة.

نسأل الله أن يشرحَ صدرك ويرزقك الصبر والحلم
والله الموفق
منقول للفائدة





All times are GMT +3. The time now is 02:48 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.