بيت عطاء الخير الاسلامي

بيت عطاء الخير الاسلامي (http://www.ataaalkhayer.com/index.php)
-   خطب الشيخ / نبيل الرفاعى (http://www.ataaalkhayer.com/forumdisplay.php?f=65)
-   -   العِبَرّ فى وفاة سيد البشر (http://www.ataaalkhayer.com/showthread.php?t=2422)

vip_vip 10-21-2010 01:40 PM

العِبَرّ فى وفاة سيد البشر
 
16 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان / العِبَرّ فى وفاة سيد البشر
لفضيلة العضو الشيخ / نبيل عبدالرحيم الرفاعى
http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/down...adnan&inline=1
أمام و خطيب مسجد التقوى - شارع التحلية - جدة
حصريــاً لبيتنا و لتجمع الجروبات الإسلامية الشقيقة
و سمح للجميع بنقله إبتغاء للأجر و الثواب
================================================== =================================
http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/down...adnan&inline=1
http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/down...adnan&inline=1

الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحا لذكره ، و سببا للمزيد من فضله ،
جعل لكل شيء قدرا ، و لكل قدر أجلا ، و لكل أجل كتابا .
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة تزيد في اليقين ، و تثقل الموازين ،
و أشهد أن سيدنا محمدا عبده و رسوله ، و صفيه و خليله ، أمين وحيه ،
و خاتم رسله ، و بشير رحمته ، و نذير نقمته ، بعثه بالنور المضي ،
و البرهان الجلي ، فأظهر به الشرائع ، و قمع به البدع ، و بين به الأحكام .
صلى الله و سلم و بارك عليه ، و على آله مصابيح الدجى ،
و أصحابه ينابيع الهدى ، و سلم تسليما كثيرا .
أمّـــا بعــــد :
فاتَّقوا الله تعالى أيّها المسلمون ،
http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/down...adnan&inline=1 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/down...adnan&inline=1
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا <IMG width=14 height=14>
[الأحزاب: 70، 71]
أيّها المسلمون ،
دِراسَةُ سِيرةِ النَّبيِّ <IMG width=14 height=14> حَتمٌ لاَزِم لِكلِّ مَن أَرادَ تَرميمَ أمّتِه
و العودةَ بها إلى نَبعِها الأصيل و الّذي لن تقومَ إلاّ بِهِ ،
http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/down...adnan&inline=1 لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ <IMG width=14 height=14>
[الأحزاب: 21] ،
http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/down...adnan&inline=1 لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ
يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ <IMG width=14 height=14>
[آل عمران: 164] .
و إنَّ في كلِّ جانب من جوانب حياتِه <IMG width=14 height=14> عِلمًا و حِكمةً و هدًى و رحمة و دَرسًا و عبرة .
عبادَ الله ، لما أشرَقَتِ الدَّنيا برسالة النبيِّ <IMG width=14 height=14> ضياءً و ابتهاجًا
و دَخَل الناس في دين الله أفواجًا و سَارَت دَعوتُه مسيرَ الشمس في الأقطار
وليبلُغ دينه القويم ما بلَغ الليل و النهار، بعد أن بلَّغ رسول الله <IMG width=14 height=14> الرسالَةَ
و أدَّى الأمانة و نصح الأمّة و كشف الله به الغمّةَ و أصبح الناس على المحجّة البيضاء
ليلها كنهارِها لا يزيغُ عنها إلا هالك ، بعد أن قضى ثلاثًا و عشرين سنَة
في عبادة ربِّه و تلقّي وحيه و الجهاد في سبيله و هداية الخلق ،
بعد أن أحبَّه الناس و خالَطَ حبُّه شغافَ قلوبهم ،
و قد كان لهم أشفَقَ مِنَ الوَالِدِ و أرحَمَ من الوالِدَة ،
عندها نزَلَت بالمسلمين أعظمُ مصيبة و أكبر فَاجعة ،
و ذلك حين أذِن الله تعالى لنبيِّه بفراقِ هذا العالَم و أنزَلَ عليه سورةَ النصر
إشعارًا له بأنه فرَغ من مهَمَّتِه في الدّنيا ، و أنّه سيودِّع أصحابَه قريبًا ،
و أنه مُفارق لهذا العالم الفاني و راجعٌ إلى الله و لاحِق بالرفيقِ الأعلى
ليجزيَه الجزاء الأوفى :
http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/down...adnan&inline=1 إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/down...adnan&inline=1وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/down...adnan&inline=1
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا <IMG width=14 height=14>
[سورة النّصر] .
و هكذا الأعمالُ الكِبارُ تختَم بالتّسبيح و الاستغفار .
عبادَ الله ، إنَّ الحديث عن وفاة سيِّد البشر لأجل ما فيها من العظات و العبر ،
لا للتَّحزُّن و استدرارِ العواطف ، و كما كانت حياته <IMG width=14 height=14> دعوةً و جهادًا ،
فكذلك وفاتُه كانت هدايةً و إرشادًا .
و لقد أشار النبيّ <IMG width=14 height=14> إلى اقتراب أجله بما أعلَمَه الله من قربه
كما في صحيح مسلمٍ أنَّ النبيَّ <IMG width=14 height=14> كان يقول في حجة الوداع :
(( خذُوا عني مناسككم ؛ لعلّي لا ألقاكم بعدَ عامي هذا )) ،
و في لفظ : (( فإني لا أَدري لعلّي لا أحجُّ بعد حجّتي هذه )) ،
و طفِق يودّع الناس ؛ لذا سميت حجّة الوداع . و لما نزلت :
http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/down...adnan&inline=1 الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا <IMG width=14 height=14>
[المائدة: 3]
بكَى عمر رضي الله عنه و قال : ليس بعد الكمالِ إلا النقص ؛
مستشعرًا قُربَ أجل النبي <IMG width=14 height=14> بانتهاء مهمّته .
و في حديثِ عائشةَ رضي الله عنها المخرَّج في الصحيحَين
قالت : أقبلَت فاطمة رضي الله عنها تمشِي كأنَّ مشيتَها مشيُ النبيِّ <IMG width=14 height=14>
فقال : (( مرحبًا بابنَتي )) الحديث ،
إلى أن قالت فاطمة رضي الله عنها : أَسرَّ لي <IMG width=14 height=14> :
(( إنَّ جبريلَ كان يعارضني القرآن كلَّ سنة مرةً ، و إنه عارَضني العامَ مرتين ،
و لا أُراه إلاّ حَضَر أجلي ، و إنك أوّلُ أهل بيتي لحاقًا بي ))
فبكيتُ، فقال :
(( أمَا ترضين أن تكوني سيدةَ نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين ؟! ))
فضحكتُ لذلك .
أيّها الإخوة ، في آخرِ شهر صفر خرج النبي <IMG width=14 height=14> إلى البقيع
مِن جوف الليل فدعا لهم و استغفَر الله له و لهم ،
وقال :
(( ليهنأ لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناسُ فيه ،
أقبلتِ الفتن كقِطَع الليل المظلم ، يتبع آخرُها أوَّلَها، الآخرة شرٌّ من الأولى ))
رواه الإمام أحمد و الطبراني و الحاكم .
كما دَعَا لشهداءِ أحُد كالمودِّع لهم . ثم أخذتِ النبيَّ <IMG width=14 height=14> حمّى شديدةٌ و صُداع شديد ،
و كان يطوف على نسائِه و قد ثقُل و اشتدَّ به المرض ،
فدعاهنّ و استَأذنهن أن يمرَّض في بيت عائشة، فأذِنَّ له .
فانظر إلى عدلِه <IMG width=14 height=14> و حِرصه على جَبر الخواطر و العشرة الحسنة
حتى في الحالِ التي يُعذر فيها .
و مع ما كان به من شدة المرض إلاّ أنه كان يصلّي بالناس ،
فلما عَجز يومًا عن الخروج ـ كما في الصحيحين ـ
قال : (( أصَلَّى الناس ؟ ))
قيل: لا ؛ هم ينتظرونَك يا رسولَ الله ،
قال : (( ضَعوا لي ماءً في المخضب )) ،
ففعلوا فاغتسل ، ثم ذهب لينوب ـ أي: لينهض ـ فأغمِيَ عليه ،
ثم أفاق فقال : (( أصلَّى الناس ؟ ))
قيل : لا ؛ هم ينتظرُونك ،
فاغتسل ثانية ثم أغمِيَ عليه ، و ثالثة كذلك ،
و في كلِّ مرّةٍ يسأل عن الصلاةِ ،
فأرسل إلى أبي بكر رضي الله عنه أن يصلّيَ بالناس ، فصلّى بهم أيّامًا ،
ثم إنَّ النبيَّ <IMG width=14 height=14> وجد في نفسِه خفّةً ، فخرج يُهادى بين رجلين
هما العباس و علي بن أبي طالب رضي الله عنهما ،
فلمَّا رآه أبو بكرٍ رضي لله عنه ذهَب ليتأخّر ،
فأومأ إليه النبي <IMG width=14 height=14> بأن لا يتأخّر ، و أُجلِسَ إلى جنبه ، و أُتِمَّت الصلاة .
و في هذا إشارةٌ إلى فضلِ أبي بكر رضي الله عنه و أحقّيَّته بالإمامة بعدَ النبيِّ <IMG width=14 height=14> ،
و كذا حرصُ النبي <IMG width=14 height=14> على صلاة الجماعة ،
و اهتمامُه بصلاة أصحابه و اجتماعهم على إمام واحد .
و في الصحيحين عن أبي سعيدٍ الخدريّ رضي الله عنه قال :
خرَج علينا رسولُ الله <IMG width=14 height=14> في مرضه الذي مَاتَ فيه و نحن في المسجِد
عاصبًا رأسه بخرقة ، فقعد على المنبر، فحمد الله و أثنى عليه و قال :
(( إنَّ الله خيَّر عبدًا بين الدنيا و بين ما عنده ، فاختار ما عندَ الله )) ،
فبكَى أبو بكر الصدّيق و قال : فدَيناك بآبائِنا و أمّهاتنا يا رسول الله ،
فقال النبيُّ <IMG width=14 height=14> :
(( يا أبا بكر ، لا تبكِ ؛ إنَّ أمنَّ الناسِ عليَّ في صحبتِه و مالِه أبو بكر ،
و لو كنتُ متّخِذًا خليلاً من أمتي لاتَّخذتُ أبا بكر ، و لكن أخوّةُ الإسلام و مودَّته ،
لا يبقَى في المسجد بابٌ إلاّ سُدَّ إلا بابَ أبي بكر )) .
و في الصحيحين أيضًا عن أنس بن مالك رضي الله عنه
أنَّ أبا بكرٍ رضي الله عنه كان يُصلّي لهم في وجَع النبي <IMG width=14 height=14> الذي تُوفِّيَ فيه ،
حتى إذا كان يومُ الاثنين و هم صفوفٌ في الصلاة
فكشَف النبيُّ <IMG width=14 height=14> سِترَ الحجرة ينظرُ إلينا و هو قائمٌ ، ثم تبسَّم يضحَك ،
فهَممنا أن نفتَتِن من الفرح برؤيةِ النبيِّ <IMG width=14 height=14> ،
فنكَص أبو بكر على عقِبَيه ليصِلَ الصفّ ، و ظنَّ أن النبيَّ <IMG width=14 height=14> خارج إلى الصلاة ،
فأشارَ إلينا النبيُّ <IMG width=14 height=14> أن أتِمّوا صلاتَكم ، و أرخى السّترَ ، فتوفِّيَ من يومِه .
و قد كان فرَحُهم رضي الله عنهم ظنًّا أنّه شُفيَ <IMG width=14 height=14> ،
و ما علِموا أنها نظرةُ الوداع الأخيرة . لقد تبَسّم النبي <IMG width=14 height=14> حين اطمَأنّ عليهم
و رآهم متراصِّين في الصلاة خلفَ إمامهم أبي بكرٍ رضي الله عنه ،
وملأَ عينَه و قلبه برؤيتهم . و كانت هذه آخِرَ ابتسامةٍ له في الدنيا ؛
حيث فرِح بحال أمّتِه المستقيمة المجتمِعة المتراصّة خلف إمامها .
و لقد شاء الله تعالى أن تكونَ لحظةُ الوداع تلك في مشهدِ الصلاة .
و كان <IMG width=14 height=14> يقول في مرضه الذي مات فيه :
(( يا عائشةُ، ما أزال أجِد ألَمَ الطعام الذي أكلتُ بخيبر،
فهذا أوان وجدتُ انقطاعَ أبهري من ذلك السمّ )).
و هكذا رُزِق النبيُّ <IMG width=14 height=14> الشهادةَ بسبب سُمّ اليهودِ الخوَنَة نقَضَةِ العهود
قَتَلَةِ الأنبياء عليهم من الله ما يستحقون ، فهم أخبثُ الأمَم طويَّةً ،
و أردَاهم سَجِيّة ، وأبعدُهم من الرحمة ، و أقربهم من النِّقمة ، عادَتُهم البغضاء ،
و ديدنهم العداوةُ و الشحناء ، بيتُ السّحر و الكذب و الحِيَل ، لا يرونَ لنبيٍّ حرمةً ،
و لا يرقُبون في مؤمن إلاًّ و لا ذمّة .
و لما اشتدَّ الوجعُ على النبيِّ <IMG width=14 height=14> كما في الصحيحين
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : دَخلتُ على رسولِ الله <IMG width=14 height=14> و هو يوعَك ،
فحسَستُه بيدي ،
فقلت : يا رسول الله ، إنك تُوعَك وَعكًا شديدًا !
فقال <IMG width=14 height=14> : (( أجل ، إني أوعُك كما يُوعَك رَجُلان منكم )) ،
قال : فقلت : ذلك أن لك أجرين ؟
قال <IMG width=14 height=14> : (( أجل ، ذلك كذَلك ، ما مِن مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها
إلا كفّر الله بها سيئاتِه و حُطّت عنه ذنوبه كما تحطُّ الشجرةُ ورقها )) .
و في هذا تعزية لأهل المصائب و الابتلاءات و الأسقامِ و الأمراض .
أيّها المسلمون ، و مع مقاساةِ النبي <IMG width=14 height=14> الشدائدَ و معاناته آلامَ الموت
إلاَّ أنه لم يَغفَل عن توجيهِ أمّتِه و لم يَتَوَقَّف عَن أداء رسالتِه ،
بل عاد يؤكّد على القضيِّة الكبرى و التي بدأ بها دعوتَه و سايَرته طولَ حياته ،
إنها قضيةُ التوحيد و سدِّ أبواب الشرك ،
عن عائشةَ و ابن عباس رضي الله عنهما قالا :
لما نُزل برسول الله <IMG width=14 height=14> طفِق يطرَح خميصةً له على وجهه ،
فإذا اغتمّ كشَفَها عن وجهِه ،
و هو كذلك يقول :
(( لعنَةُ الله على اليهودِ و النصارى ؛ اتَّخذوا قبورَ أنبيائِهم مساجدَ )) ؛
يحذِّر ما صعنوا .
رواه البخاري و مسلم .
إنَّ النبيَّ <IMG width=14 height=14> و هو في الكرب العظيم يعرِف مصائدَ الشيطان
و ما يُمكِن أن يسوِّل به للأمّةِ إذا جرّها إلى الجاهليةِ الأولى ؛
إذ إنهم حين يصِلون إلى حالِ عبادتهم للقبور و الطوافِ بها و دعائها
فقد فقَدوا دينهم و هم لا يعلمون .
و في الصحيحين أنَّ النبي <IMG width=14 height=14> أوصى عند موته
بقوله : (( أخرِجوا المشركين من جزيرة العرب )) ،
و كان آخر ما أوصى به و كرَّره مرارًا الصلاة ،
ففي حديث أنس بنِ مالك رضي الله عنه قال :
كانَت عامّة وصية رسول الله <IMG width=14 height=14> حين حضَرَه الموت :
(( الصلاةَ الصلاةَ و ما ملكت أيمانكم ، الصلاةَ الصلاةَ و ما ملكت أيمانكم )) ،
حتى جعل يغَرغِر بها صدره ، و ما يكاد يفيض بها لسانُه .
رواه النسائيّ و ابن ماجه بسند صحيح .
و صدَقَ الله :
http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/down...adnan&inline=1 لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ
بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ <IMG width=14 height=14>
[التوبة: 128] .

vip_vip 10-21-2010 01:41 PM

فليس لمتهاون عذرٌ و هو يسمَع وصيّةَ النبيّ <IMG width=14 height=14> ،
و التي جاد بها و هو يجود بنفسِه ، ألا يسمَعُ مَن يَتَكَاسَل عَنِ الصَّلاةِ ؟!
ألا يَسمَع من يظلِمُ العاملَ و الخادم و الأجيرَ فينتَقِص أجرَه و يهضِم حقَّه
و يؤذِيهم بالكلام و بالفِعال ؟! فليتّق الله كلُّ من ولاّه الله أمرَ ضعيف .
و في الصحيحَين أيضًا أنَّ النبيَّ <IMG width=14 height=14> رأى السواك و أخذه ،
و استنّ به أحسنَ ما يكون استنانًا ، و بين يديه ركوةٌ فيها ماء ،
فجعل يدخل يديه في الماء ، فيمسح بهما وجهَه يقول :
(( لا إلهَ إلا الله ، إنَّ للموت سكراتٍ )) ،
ثم نصب يدَه فجعل يقول :
(( اللهم في الرفيق الأعلى )) ،
يردِّدها حتى قبِض و مالت يده .
و تسرّب الخبرُ بين الصحابة في لحظاتٍ ، فضجّوا بالبكاء ،
و أظلَمَت عليهم الدنيا ، و اشتدّت الرزيّة ، و عظم الخطبُ ،
وأخذوا يبكون ، لا يدرون ما يصنَعون ، و حُقَّ لهم ؛
لقد غابَ الحبيبُ المصطفى <IMG width=14 height=14> و ماتَ ،
لقد افتقدوا مهجةَ قلوبهم و من كانَ ملءَ أسماعهم و أبصارهم ،
و لكنّ قدَرَ الله نفذ و حكمه نزل ، و الله غالب على أمره
و لكن أكثر الناس لا يعلمون .
بارك الله لي و لكم في الوحيَين، و رزقنا مرافقةَ سيِّد الثقلين ،
أقول قولي هذا ،
و أستغفر الله تعالى لي و لكم و لسائر المسلمين و المسلمات من كلّ ذنب ،
فاستغفروه و توبوا إليه ، إنه هو الغفور الرحيم .

الحمد لله على إحسانه ، و الشكر له على توفيقه و امتنانه ،
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه ،
و أشهد أن سيدنا و نبينا محمدأ عبده و رسوله الداعي إلى جنته و رضوانه ،
صلى الله و سلم و بارك عليه و على آله و صحبه و إخوانه ،
و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أيّها المسلمون ،
إنَّ الصحابةَ رضي الله عنهم لم يكادوا أن يصدِّقوا خبَرَ الوفاة ،
و لم يستَوعِب بعضُهم هذه الفاجعةَ لِعِظَم المصيبة و هول الصدمة ،
حتى كان عمر رضي الله عنه يهدِّد من يقول : إنَّ رسولَ الله قد مات .
يقول أنسٌ رضي الله عنه : لما ماتَ رسول الله http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/down...adnan&inline=1 كُنّا كالغَنَم المطيرةِ في الليلةِ الشاتِية ،
فما زالَ أبو بكر يشجِّعنا حتى كنّا كالأسودِ المتنمِّرة ،
و كان أبو بكر رضي الله عنه قد خَرَج في الصَّباحِ إلى منزله في طرف المدينة ،
فأقبل بفرسِه سريعًا حين سمِع الخبر ، فنزل و دخَل المسجدَ ، و لم يكلِّم أحدًا ،
حتى دخَل الحجرةَ الشريفة و عيناه تسيلان و زفراتُه تتردّد ،
فقَصَد النبيَّ http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/down...adnan&inline=1 و هو مُسَجّى ببردة حَبِرة ، ثم أكبّ عليه يقبّله و يبكَي ،
ثم قال : بأبي أنت و أمي ، طِبتَ حيًّا و ميّتًا .
ثم خرج أبو بكر و عُمَر يكلّم الناس ،
فقال : اسكُت يا عمر ،
فأبى إلاّ أن يتكلّم ،
فأقبل الناسُ إلى أبي بكر و تركوا عمر رضي الله عنهم أجمعين ،
فحمِد الله تعالى و أثنى عليه و قال :
( أمّا بعد : فمَن كان منكم يعبد محمّدًا فإن محمّدًا قد مات،
ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت ) ،
و تلا قولَ الله عز وجل :
http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/down...adnan&inline=1 وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ
أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا
وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ <IMG width=14 height=14>
[آل عمران: 144] ،
قال ابن عباس رضي الله عنهما : و الله ، لكأنَّ الناسَ لم يعلموا أن الله أنزَل هذه الآيةَ
حتى تلاها أبو بكر ، فتلقّاها منه الناس ، فما أسمعُ بشرًا من الناس إلا يتلوها ،
قال عمر : و الله ، ما هو إلاّ أن سمعتُ أبا بكر تلاها فعُقِرت حتى ما تُقلّني رجلاي ،
و حتى أهويتُ إلى الأرض، فحين سمعته تلاها علمتُ أنَّ النبيَّ http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/down...adnan&inline=1 قد مات .
و في هذا فضيلةُ العلم و العُلماء ، و أنَّ العلمَ مقدّم على العواطفِ ،
و أنّ قول العالم بكتاب الله المطّلع على حقيقة الواقعة مقدّم على قول غيره .
ثم بايَع المسلمون أبا بكر رضي الله عنه بالخلافةِ بالإجماع ،
بعدَ نقاشٍ و حوار لم يدُم طويلاً ،
فرضي المسلمون ما رضيَه لهم ربهم و رضيَه رسوله http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/down...adnan&inline=1 ،
و لم يجِدِ الشيطان سبيلاً لتفريق الكلمةِ أو تمزيق الشّمل .
لقد ردَّ أبو بكر رضي الله عنه الناسَ إلى دين الله ، و أوضَحَ لهم المنهجَ الذي دلّ عليه القرآنُ ،
وأنَّ الارتباط يجب أن يكون بالمبادئ لا بالأشخَاص ؛
لأن الأشخاصَ يموتون و من سوى الأنبياء قد يتغيرون .
و كانت وفاةُ النبيِّ http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/down...adnan&inline=1
في يومِ الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول في السنةِ الحادية عشرة من الهجرة .
و قد غُسِّل النبيُّ http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/down...adnan&inline=1 و عليه ثيابُه ، فلم يُجَرّد كرامةً له ،
ثم دخَل الناس يصلّون عليه أفرادًا ، ثم دُفن في موضِعِه الذي قبض فيه ليلة الأربعاء .
عن أنس رضي الله عنه قال :
لما كانَ اليومُ الذي قدِم فيه النبي http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/down...adnan&inline=1 المدينةَ أضاء منها كلُّ شيء ،
فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلمَ منها كلّ شيء ،
و ما نفَضنا أيديَنا من الترابِ و إنا لفي دفنه حتى أنكرنا قلوبنا ،
و يقول رضي الله عنه :
لما رجعنا من دفن رسول الله <IMG width=16 height=14>
قالت فاطمة : يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا التراب على وجه رسول الله .
أيها المسلمون ،
لقد تَرَك النبيُّ <IMG width=16 height=14> الدنيا و هو أكرمُ مخلوق على اللهِ ،
و لم يترك دينارًا و لا درهمًا و لا مالاً إلا بغلتَه البيضاء و سلاحَه ،
و توفي http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/down...adnan&inline=1 و درعُه مرهونةٌ عند يهوديّ في شعير ، توفّي و ما شبِع ثلاثةَ أيام تِباعًا ،
ذاق اليتم ، و تحملّ أعباء الرسالة ، و واجه التكذيب و الأذى و المطاردةَ
و فراق الأوطان في سبيل الله، صبَرَ و صابر ، و عفا و سامح ،
و ربَّى أمّة خالدة ، فيها الهدايةُ و الإيمان و الشريعةُ الباقية ،
تركَ أمّةً هي خير الأمم و أوسَطُها ،
ترك سيرة عطرةً لتكون منهاجا للأمة إلى يوم القيامة .
إنَّ محبّةَ النبيِّ http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/down...adnan&inline=1 من أصول الإيمان ، و الشوقَ إلى لقائه من دلائلِ الإيمان ،
و من أحبَّ لقاءه فليتبَع سنّتَه حتى يوافِيَه على الحوض ،
http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/down...adnan&inline=1 قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ <IMG width=14 height=14>
[آل عمران: 31]،
http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/down...adnan&inline=1 وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا <IMG width=14 height=14>
[النساء: 69] .
و أخيرًا ، فبالرّغم مِن عِظَم المصيبة بموتِ النبيِ http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/down...adnan&inline=1 إلا أنها لم توهِن الإسلام ،
و لم تُضعِفِ المسلمين ، بل انطلق الدين الحقّ يتخطّى الحدود و السدود ،
و يعلو الوِهاد ، و يطوي الأرض ، حتى بلغَ مشارقَ الأرض و مغاربها ،
و أظهَره الله على الدينِ كلّه ،
و لئن ضعُف حال المسلمين في يومٍ فإن الجولةَ الأخيرة للإسلام ، و النصرَ آتٍ لا محالة .
هذا و صلّوا و سلّموا على الهادي البشير و السراج المنير .
اللّهمّ صلِّ و سلِّم و زِد و بارك على عبدك و رسولك محمد ،
و على آلِه و صحبه أجمعين ،
اللهم ارزقنا شفاعته ،
و احشرنا في زمرتِه ،
و أورِدنا حوضَه ،
و اسقنا من يده الشريفةِ شربةً هنيئة مرئية لا نظمأ بعدها أبدا .

و قال صلى الله عليه و سلم :

(( من صلى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشرًا )) .
اللهم صلِّ و سلم و بارك على عبدك و رسولك سيدنا محمد

و على زوجاته الطاهرات أمُهات المؤمنين و على آله الطيبين الطاهرين
اللّهمّ صلّ و سلِّم و زِد و بارك على عبدك و رسولك محمّد
و على آله و أزواجِه و ذرّيته و صحابتِه و من تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .
اللّهمّ أعِزَّ الإسلام و المسلمين ، و أذلَّ الشرك و المشركين ،
و أخذل الطغاةَ و الملاحِدة و المفسدين ...
و أرض اللهم عن أصحابه الكرام الغر المحجلين
أبو بكر و عمر و عثمان و على
و على العشرة المبشرين
و على سائر الصحابة و التابعين و من سار على نهجهم إلى يوم الدين
اللهمّ أعزّ الإسلام و المسلمين...
ثم باقى الدعاء
اللهم أستجب لنا إنك أنت السميع العليم و تب علينا إنك أنت التواب الرحيم
اللهم أميـــــن
أنتهت بعون الله و توفيقه


All times are GMT +3. The time now is 11:27 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.