بيت عطاء الخير الاسلامي

بيت عطاء الخير الاسلامي (http://www.ataaalkhayer.com/index.php)
-   الرسائل اليومية لبيت عطاء الخير (http://www.ataaalkhayer.com/forumdisplay.php?f=20)
-   -   لم استخدم الله تعالى لفظ ألقيه (http://www.ataaalkhayer.com/showthread.php?t=13543)

بنت الاسلام 08-30-2013 06:44 PM

لم استخدم الله تعالى لفظ ألقيه
 
الأخت / الملكة نـــور

لم استخدم الله تعالى لفظ ألقيه

سؤال :
في سورة طه عندما ذكر الله قصة أم موسى و ابنها نبي الله موسى عليه السلام قال :
}إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى ( 38 ) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ
فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ
وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ( 39 ){
السؤال هنا لم استخدم الله تعالى لفظ " ألقيه " و لم يقل " ضعيه" مثلا
مع إن موسى عليه السلام كان رضيعا ؟
قام بالرد على السؤال :
فضيلة الأستاذ محمد إسماعيل عتوك
الباحث في الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم :
قال تعالى :
} إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ
فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ {
( طه : 38- 39 )
قيل : المراد بالقذف في التابوت : الوضع فيه. والمراد بالقذف في اليم:
الإلقاء فيه ؛ كما قال تعالى في آية أخرى :
} فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ {
( القصص: 7 )
وقيل: يجوز أن يكون المراد بالقذف في الموضعين : الوضع .
وعليه يكون معنى الآية : و اذكر يا موسى إذ أوحينا إلى أمك أن ضعيه
في التابوت، فضعيه في اليم ، فليلقه اليم في الساحل .. هذا هو المشهور في كتب التفسير
وحقيقة القول في ذلك :
أولاً - أن الوضع في اللغة هو الإلقاء . يقال : وضع الشيء : ألقاه ،
و وضعت المرأة ما في بطنها : ألقته ، و الفعل : وضع يضع وضعاً .
و الموضع : محل إلقاء الشيء .. أما الإلقاء فهو رميك الشيء برفق
و لين ، من أعلى إلى أسفل ، حيث تلقاه . أي : تراه .
يقال : ألقى الشيء يلقيه إلقاء .. و أما القذف فهو رميك الشيء بقوة
و عنف ، من غير مهلة ، حيث لا تلقاه . أي : لا تراه
يقال : قذف الشيء يقذفه قذفًا . فهو أعم من الإلقاء ، و من الوضع .
و الإلقاء أعم من الوضع . فكل قذف هو إلقاء و وضع ، وليس كل وضع و إلقاء بقذف .
ثانيًا – و لكون القذف أعم من الإلقاء و الوضع ، أطلق على الوضع في التابوت
وعلى الإلقاء في اليم ؛ لأن السياق يتطلب السرعة والقوة و الشدة :
} إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ {
فهنا إيحاء بالقذف في التابوت ، و بالقذف في اليم ، وهو أمر يتطلب
السرعة و القوة و الشدة ؛ وذلك لإخفاء الرضيع وأمره على فرعون و
جنوده .
قال ابن عاشور:
« القذف هنا مجاز عن المسارعة إلى الوضع ، من غير تمهل لشيء أصلاً
إشارة إلى أنه فعل مضمون السلامة ، كيفما كان » .
وهذا المعنى لا يصلح له فعل الوضع، ولا فعل الإلقاء، بخلاف الإيحاء
بالإلقاء بالساحل :
} فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ {
فهذا لا يتطلب قوة ولا شدة
و لا سرعة ؛ لأن الطفل الرضيع قد أصبح في مكان آمن بعد أن أصبح في اليم
وكذلك هو خلاف الإلقاء في اليم في قوله تعالى :
} وَ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ {
( القصص : 7 )
لأن خوف الأم على ابنها هنا لم يقع بعدُ ، وقد سبقه الإيحاء إليها بإرضاعه
و لهذا قال تعالى هنا : فإذا خفت عليه فألقيه ، وقال هناك : فاقذفيه
عقب الإيحاء مباشرة ، دون أن يسبق القذف شيء .
ثالثًا – و مثل ذلك قوله تعالى :
} وَ قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرعب {
(الأحزاب : 26 ) .
و قوله تعالى :
} سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ {
( آل عمران : 151 ) .
استعير فعل القذف في الآية الأولى لحصول الرعب بسرعة في قلوبهم
دفعة واحدة ، دون سابق تأمل ، و بلا سبب . و استعير فعل الإلقاء
في الآية الثانية لجعل الرعب في قلوب الذين كفروا مستقبلاً ؛
و لهذا قال تعالى : سنلقي ، بالسين الدالة على المستقبل القريب ،
و التأكيد بحصول الرعب في قلوب الذين كفروا . و لو قيل : سنقذف
أو سنضع ، لكان خلفًا من الكلام ، لا يتناسب مع بلاغة القرآن و بيانه .


All times are GMT +3. The time now is 05:28 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.