بيت عطاء الخير الاسلامي

بيت عطاء الخير الاسلامي (http://www.ataaalkhayer.com/index.php)
-   رسائل اليوم (http://www.ataaalkhayer.com/forumdisplay.php?f=27)
-   -   درس اليوم 4916 (http://www.ataaalkhayer.com/showthread.php?t=70644)

حور العين 08-20-2020 02:42 PM

درس اليوم 4916
 
من:إدارة بيت عطاء الخير

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم
معنى اسم الله البارئ

الدِّلالاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسْمِ {البَارِئ):
قَالَ اللهُ تعالى: ﴿ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ } [الحشر: 24].

قَالَ الحُليْمِيُّ رحمه الله: "وهَذَا الاسْمُ يَحْتَمِلُ مَعْنَيينِ:

أَحَدُهما: المُوجِدُ لِمَا كَانَ في مَعْلُومِهِ مِنْ أَصْنَافِ الخَلَائِقِ، وهَذَا هُوَ الذِي
يُشِيرُ إليهِ قَوْلُه تعالى:

{ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ
إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا } [الحديد: 22].

ولا شَكَّ أَنَّ إِثْبَاتَ الإبْدَاعِ والاعْتِرَافَ بهِ للبَارِي تبارك وتعالى لَيْسَ عَلَى أَنَّه
أَبْدَعَ بَغْتَةً مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ سَبَقَ لَهُ بِمَا هُوَ مُبْدِعُهُ، لَكِنْ عَلَى أَنَّه كَانَ عَالِمًا بِمَا
أَبْدَعَ قَبْلَ أَنْ يُبْدِعَ، فَكَمَا وَجَبَ لَهُ عِنْدَ الإبْدَاعِ اسْمُ البَدِيعِ،
وَجَبَ لَهُ اسْمُ البَارِئ.

والآخَرُ: أَنَّ المرُاد بالبَارئ قَالِبُ الأعْيَانِ، أَي أَنَّهُ أَبْدَعَ المَاءَ والتُّرَابَ والنَّارَ
والهَوَاءَ لا مِنْ شَيءٍ، ثُمَّ خَلَقَ مِنْهَا الأجْسَامَ المُخْتَلِفَةَ، كَمَا قَالَ الله تعالى:

{ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ } [الأنبياء: 30]، وقَالَ:

{ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ } [ص: 71]، وقَالَ:

{ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ } [النحل: 4]، وقَالَ:

{ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ * وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ }
[الرحمن: 14، 15]، وقَالَ:

{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ *
ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا
فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ }
[المؤمنون: 12 - 14].

فَيَكُونُ هَذَا مِنْ قَوْلِهِم: بَرَأَ الَقَوَّاسُ القَوْسَ؛ إذا صَنَعَها مِنْ مَوَادِّها التي كَانَتْ
لَهَا، فَجَاءَتْ مِنْها لا كَهَيْئَتِها، والاعْتِرَافُ للهِ تعالى بالإبْدَاعِ يَقْتَضِي الاعْتِرَافَ
لَهُ بالْبَرْءِ، إِذْ كَانَ المُعْتَرِفُ يَعْلمُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ مَنْقُولٌ مِنْ حَالٍ إلى حَالٍ
إلى قَدْرٍ عَلَى الاعْتِقَادِ والاعْتِرافِ، واللهُ أَعْلَمُ"

قَالَ ابنُ الأعرابي: "بَرِئَ إذا تَخَلَّصَ، وبَرِئَ إذا تَنَزَّهَ وتَبَاعَدَ،
وبَرِئَ إذا أَعْذَرَ وأَنْذَرَ، ومِنْهُ قُوْلُه تَعَالَى:

{ بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } [التوبة: 1]، أَيْ: إِعْذَارٌ وإِنْذَارٌ.

وأَصْبَحَ بَارِئًا مِنْ مَرَضِهِ وَبَرَيئًا كَقَوْلِكَ صَحِيحًا وصِحَاحًا،
وَقْد أَبْرَأَهُ اللهُ مِنْ مَرَضِهِ إِبْرَاءً.
وقَالَ الأَخْفَشُ: "يُقَالُ: بَرِئْتُ الْعُودَ وبَرَوتُهُ إذا قَطَعْتُهُ، وبَرَيْتُ القَلَمَ بِغَيْرِ هَمْزٍ إذا قَطَعْتُهُ وأَصْلَحْتُهُ".

والبَرِيَّةُ: الخَلْقُ وأَصْلُها الهَمْزُ وقَدْ تَرَكَتِ الْعَرَبُ هَمزَها.

وَقَالَ الفَرَّاءُ:
"وإِذَا أَخَذْتَ البَرِيَّة مِنَ البَرَي وَهُو التُّرَابُ، فَأصْلُها غَيْرُ الهَمْزِ".

وقَدْ وَرَدَتْ في القُرآنِ كَقَوْلِه تَعَالَى:

{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ } [البينة: 7].

وُرودُهُ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ:
وَرَدَ الاسْمُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ فِي القُرْآنِ، مَرَّةً فِي قَوْلِه تَعَالَى:

{ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ } [الحشر: 24].

وَمرَّتَينِ فِي قَولهِ تَعَالَى:

{ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ } [البقرة: 54].

المَعْنَى فِي حَقِّ اللهِ تَعَالَى:
قَالَ ابنُ جَريرٍ: "(البَارِئُ) الذِي بَرَأَ الخَلْقَ فَأَوْجَدَهُم بِقُدْرَتِهِ
وقَالَ الزَّجَّاجُ: "(البَارِئُ) يُقَالُ بَرَأَ اللهُ الخَلْقَ فَهُوَ يَبْرَؤُهم بَرْءًا: إِذا فَطَرَهُم.
والبَرْءُ: خَلقٌ عَلَى صِفَةٍ، فَكُلُّ مَبْروُءٍ مَخْلُوقٌ، ولَيْسَ كُلُّ مَخْلُوقٍ مبْرءًا وذَلِكَ
لأَنَّ البَرْءَ مِنْ تَبْرِئَةِ الشَّيءِ مِنَ الشَّيءِ مِنْ قَولِهمْ: بَرَأْتُ مِنَ المَرَضِ، وبَرِئْتُ
مِنَ الدَّيْنِ أَبَرَأُ مِنْهُ، فَبَعْضُ الخَلْقِ إذا فُصِلَ مِنْ بَعْضٍ سُمِّيَ فَاعِلُه بَارِئًا"
وقَالَ الشَّوْكَانِيُّ: "البَارِئُ الخَالِقُ، وقِيلَ إنَّ {البَارِئَ)
هو: المُبْدِعُ المُحْدِثُ"

وقَالَ الخَطَّابِيُّ: "البَارِئُ هُوَ الخَالِقُ"، ثُمَّ قَالَ: "إِلَّا أَنَّ لِهَذِه اللَّفْظَةِ مِنَ
الاخْتِصاصِ بالحَيَوانِ مَا لَيْسَ لَهَا بِغَيْرِهِ مِنَ الخَلْقِ، وقَلَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي خَلقِ
السَّمَاواتِ والأرْضِ والجِبَالِ فَيُقَالُ: بَرَأَ اللهُ السَّمَاءَ كَمَا يُقَالُ:
بَرَأَ اللهُ الإنسانَ، وبَرَأ النَّسَمَ"

وقَالَ ابنُ كَثِيرٍ: "الخَلْقُ هو التَّقْدِيرُ، والبَرْءُ هو الفَرْيُ وهو التَّنْفِيذُ وإبْرَازُ ما
قَدَّرَهُ وَقَرَّرَهُ إلى الوُجُودِ، ولَيْسَ كُلُّ مَنْ قَدَّرَ شَيْئًا وَرَتَّبَهُ يَقْدِرُ
عَلَى تَنْفِيذِهِ وإيجَادِهِ سِوَى الله تعالى".

ويُمْكِنُ أَنْ نُلَخِّصَ القَوْلَ فِي مَعْنَى (البَارِئِ) عَلَى وُجُوهٍ:

1- أَنَّ (البَارِئَ) هُوَ المُوجِدُ والمُبْدِعُ، مِنْ بَرَأَ اللهُ الخَلْقَ إذا خَلَقَهم. وبِهَذَا
يَكُونُ الاسْمُ مُشَابِهًا ومُرَادِفًا ب (الخَالِقِ).

2- (البَارِئُ) هُوَ الذِي فَصَلَ بَعْضَ الخَلْقِ عَنْ بَعْضٍ، أَيْ: مَيَّزَ بَعْضَه عَنْ
بَعْضٍ، وأَنَّ أَصْلَهُ مِنَ البرءِ الذِي هُوَ القَطْعُ والفَصْلُ.

3- أَنَّ (البَارِئَ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّه تَعَالَى خَلَقَ الإِنسانَ مِنَ التُّرَابِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:

{ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ } [طه: 55]،
وأَنَّ أَصْلَهُ مِنَ البَرْي وَهُوَ التُّرَابِ

4- وهُنَاكَ مَعْنًى رَابِعٌ ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فَقَالَ: {البَارِئُ) هُوَ الذِي خَلَقَ الخَلْقَ
برِيئًا مِنَ التَّفَاوُتِ:

{ مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ } [الملك: 3]

أَيْ: خَلَقَهُم خَلْقًا مُسْتَويًا لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ ولا تَنَافُرٌ ولا نَقْصٌ
ولا عَيْبٌ ولا خَلَلٌ أَبْرِيَاءَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ.



أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين




All times are GMT +3. The time now is 12:52 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.