بيت عطاء الخير الاسلامي

بيت عطاء الخير الاسلامي (http://www.ataaalkhayer.com/index.php)
-   رسائل اليوم (http://www.ataaalkhayer.com/forumdisplay.php?f=27)
-   -   الإفساد في الأرض حكمه وخطره وآثاره (2) (http://www.ataaalkhayer.com/showthread.php?t=56244)

حور العين 07-20-2018 07:16 AM

الإفساد في الأرض حكمه وخطره وآثاره (2)
 

من: الأخت/ غرام الغرام


http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9642

الإفساد في الأرض حكمه وخطره وآثاره (2)

النهي عن الفساد والإفساد في القرآن

جاءت آيات كثيرة في كتاب الله -عز وجل- تنهى عن الإفساد في الأرض،
قال تعالى:
{وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا}
[سورة الأعراف : الآية 56 ]
قال الإمام ابن القيم -رحمه الله- في تفسير هذه الآية:
قال أكثر المفسرين: لا تفسدوا فيها بالمعاصي والدعاء إلى غير طاعة
الله، بعد إصلاح الله إياها ببعث الرسل، وبيان الشريعة، والدعاء إلى
طاعة الله، فإن عبادة غير الله ، والدعوة إلى غيره، والشرك به
هو أعظم فساد في الأرض، بل فساد الأرض في الحقيقة إنما هو
بالشرك به، ومخالفة أمره، قال تعالى:
{ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ}
[سورة الروم : الآية 41]،
وقال عطية في الآية: ولا تعصوا في الأرض فيمسك الله المطر،
ويهلك الحرث بمعاصيكم ، وقال غير واحد من السلف: إذا قحط
المطر فإن الدواب تلعن عصاة بني آدم وتقول: اللهم العنهم،
فبسببهم أجدبت الأرض، وقحط المطر”.

وبالجملة فالشرك والدعوة إلى غير الله، وإقامة معبود غيره، ومطاع
متبع غير رسول الله هو أعظم الفساد في الأرض، ولا صلاح لها ولا
لأهلها إلا أن يكون الله وحده هو المعبود، والدعوة له لا لغيره،
والطاعة والاتباع لرسوله ليس إلا، وغيره إنما تجب طاعته إذا
أمر بطاعة الرسول، فإذا أمر بمعصيته وخلاف شريعته فلا سمع له
ولا طاعة، فإن الله أصلح الأرض برسوله، ودينه، وبالأمر بتوحيده،
ونهي عن إفسادها بالشرك به، وبمخالفة رسوله.

ومن تدبر أحوال العالم وجد كل صلاح في الأرض فسببه توحيد الله،
وعبادته، وطاعة رسوله، وكل شر في العالم، وفتنة، وبلاء، وقحط،
وتسليط عدو، وغير ذلك، فسببه مخالفة رسوله، والدعوة إلى غير
الله ورسوله.

ومن تدبر هذا حق التدبر وتأمل أحوال العالم منذ قام إلى الآن، وإلى أن
يرث الله الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين، وجد هذا الأمر كذلك
في خاصة نفسه، وفي حق غيره عموما وخصوصا، ولا قوة إلا بالله
العلي العظيم . اهـ ( 3)

تنبه لهذا الكلام من الإمام ابن القيم -رحمه الله-، فإن سبب فساد الناس
أنهم تركوا التوحيد، وتركوا العمل به، وتركوا الاهتمام به.

ومن الآيات التي جاءت في كتاب الله -عز وجل- تنهى عن الفساد
والإفساد في الأرض قوله -جل وعلا-:
{وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ
لَا يُحِبُّ الفَسَادَ}
[سورة البقرة : الآية 205]
يقول ابن جرير الطبري -رحمه الله-: اختلف أهل التأويل في معنى
الإفساد الذي أضافه الله -جل وعلا- إلى هذا المنافق الذي ذكره الله في الآية،
فقيل: هو قاطع الطريق.
وقيل: الذي يسفك دم المسلمين، إلى آخره. ويدخل في الإفساد جميع المعاصي.

قال ابن جرير الطبري -رحمه الله-:
وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- وَصَفَ هَذَا
الْمُنَافِقَ بِأَنَّهُ إِذَا تَوَلَّى مُدْبِرًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَمِلَ
فِي أَرْضِ اللَّهِ بِالْفَسَادِ.
وَقَدْ يَدْخُلُ فِي الْإِفْسَادِ جَمِيعُ الْمَعَاصِي، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَمَلَ بِالْمَعَاصِي إِفْسَادٌ
فِي الْأَرْضِ، فَلَمْ يُخَصِّصِ اللَّهُ وَصْفَهُ بِبَعْضِ مَعَانِي الْإِفْسَادِ دُونَ بَعْضٍ.
وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْإِفْسَادُ مِنْهُ كَانَ بِمَعْنَى قَطْعِ الطَّرِيقِ، وَجَائِزٌ
أَنْ يَكُونَ غَيْرَ ذَلِكَ، وَأَيُّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ فَقَدْ كَانَ إِفْسَادًا فِي الْأَرْضِ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ لِلَّهِ
-عَزَّ وَجَلَّ- مَعْصِيَةٌ. غَيْرَ أَنَّ الْأَشْبَهَ بِظَاهِرِ التَّنْزِيلِ أَنْ يَكُونَ كَانَ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ،
وَيُخِيفُ السَّبِيلَ، لِأَنَّ اللَّهَ -تَعَالَى ذِكْرُهُ- وَصَفَهُ فِي سِيَاقِ الْآيَةِ
بِأَنَّهُ سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا، وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ، وَالنَّسْلَ،
وَذَلِكَ بِفِعْلٍ مُخِيفِ السَّبِيلِ، أَشْبَهَ مِنْهُ بِفِعْلِ قُطَّاعِ الرَّحِمِ. ( 4)

يقول القرطبي -رحمه الله-:
{وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الفَسَادَ}
[سورة البقرة : الآية 205]
قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ: الْفَسَادُ هُوَ الْخَرَابُ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: قَطْعُ الدَّرَاهِمِ مِنَ الْفَسَادِ في الأرض.

وقال عطاء: إن رجلا كان يُقَالُ لَهُ عَطَاءُ بْنُ مُنَبِّهٍ أَحْرَمَ فِي جُبَّةٍ، فَأَمَرَهُ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَنْزِعَهَا. قَالَ قَتَادَةُ قُلْتُ لِعَطَاءٍ: إِنَّا كُنَّا
نَسْمَعُ أَنْ يَشُقَّهَا، فَقَالَ عَطَاءٌ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ.

قُلْتُ: وَالْآيَةُ بِعُمُومِهَا تَعُمُّ كُلَّ فَسَادٍ كَانَ فِي أَرْضٍ أَوْ مَالٍ أَوْ دِينٍ،
وَهُوَ الصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قِيلَ: مَعْنَى لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ أَيْ لَا يُحِبُّهُ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ، أَوْ لَا يُحِبُّهُ دِينًا.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: لا يأمر به، والله أعلم. اهـ. (5 )

ومعنى قوله تعالى:
{ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ}
[سورة الروم : الآية 41]
سمى الله -عز وجل- الجدب في البر والقحط في البحر فسادًا، بسبب
ما كسبت أيدي الناس، ويعفو عن كثير -جل وعلا- .





All times are GMT +3. The time now is 10:02 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.