بيت عطاء الخير الاسلامي

بيت عطاء الخير الاسلامي (http://www.ataaalkhayer.com/index.php)
-   خطب الشيخ / نبيل الرفاعى (http://www.ataaalkhayer.com/forumdisplay.php?f=65)
-   -   خطبتى الجمعة 178 بعنوان : العفة و العفاف (http://www.ataaalkhayer.com/showthread.php?t=10754)

adnan 05-02-2013 08:37 PM

خطبتى الجمعة 178 بعنوان : العفة و العفاف
 
الحمد لله وسع كل شيء برحمته، و عمّ كُلَّ حي بنعمته،

لا إله إلا هو خضعت الخلائق لعظمته،

سبحانه يسبّح الرعد بحمده و الملائكة من خيفته،

أحمده سبحانه و أشكره على سوابغ آلائه و جلائل منته ،

و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وألوهيته ،

و أشهد أن سيدنا و نبينا محمداً عبد الله و رسوله خيرتُه من بريته ،

و مصطفاه لرسالته ، صلى الله و سلم و بارك عليه و على آله و أصحابه و عترته ،

و التابعين و من تبعهم بإحسان و سار على نهجه و طريقته .





فاتّقوا الله تعالى أيها المسلمون ،



و اعلموا أنّكم إليه راجعون ، و بأعمالكم مجزِيّون ، و عليها محاسَبون ،

و أنّ المصيرَ حقٌّ إما إلى جنّةٍ بفضل الله أو إلى نار أعاذنا الله و إياكم ،



{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا *

يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ

وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }



[الأحزاب:70، 71] ،



{ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ *

آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ }



[الأحزاب:15، 16] .



عباد الله ،



ما طعِمَ الطّاعِمون كالحلالِ الكفافِ ، و ما رِداءٌ خيرٌ من رِداء الحياءِ و العفاف .

العَفافُ و العِفَّة ـ أيّها المسلمون ـ سِيمَا الأنبياءِ و حِليةُ العلماء و تاجُ العُبَّاد و الصّلَحاء .

العفافُ سلطان من غيرِ تاجٍ و غِنًى من غير مالٍ و قوّة من غيرِ بَطش

و خُلُق كريم و صِفة نبيلة .

هو عنوان الأسَرِ الكريمة و النفوسِ الزّكية الشريفةِ و دَليل التربية الصالحة القويّة .

هو موجِبٌ لظلِّ عرش الرحمنِ ذِي الجلال كما في حديثِ

الذي دَعَته امرأةٌ ذات منصب و جمال فقال :

إني أخاف الله .

و العِفّة و العَفاف سببُ إجابة الدعاءِ و تجاوز الأخطارِ

كما ورَد في حديثِ الثلاثة الذين انطبَقت عليهم صخرةُ الغار .

الحِرصُ عليه جِبِلّة في البشر و طبعٌ عند أصحابِ العقول و سليمِ الفِطَر .



العِفّة ـ أيّها المؤمنون ـ



كفُّ النفس عمّا لا يحِلّ و لا يجمُل و ضبطُها عن الشهواتِ المحرَّمة

و قصرُها على الحلال مع القناعةِ و الرِّضا .

إنّه خلُق زَكِيّ ، يَنبُت في روضِ الإيمان ، و يُسقى بماءِ الحياء و التقوى .

إنّه سُمُوّ النفس على الشّهواتِ الدنيئة و ترفُّع الهِمّة عما لا يليق ،

بل يفيض هذا الخلُق بكلِّ الخصال النبيلةِ ،

فصاحبُه ليس بالهلوعِ و لا الجَزوع و لا المنوع ،



كما قال تعالى في سورة المعارج :



{ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ }



[المعارج:29] ،



ثم قال جَلَّ من قائل سبحانه :



{ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ }



[المعارج:35] .



إنها جنّةٌ و كرامة ؛ لأنّ العفيفَ كريمٌ على الله حيث أكرَمَ نفسَه في الدنيا عن الدّنَايَا ،

فأكرمه الله في الآخرةِ بأعلى الدرجاتِ و أحسَنِ العطايا ،

و استحقَّ ميراثَ الجِنان ؛ لأنَّ الميراثَ للطاهرين



كما قال تعالى في سورة المؤمنون :



{ أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }



[المؤمنون:10، 11] .



و في صحيح مسلم لما ذكَر النبيّ صلى الله عليه و سلم أهلَ الجنة



فقال صلى الله عليه و سلم :



( منهم عفيفٌ متعفِّف ) .



و حين تُعرَض القصَصُ فإنّ أحسَنَها

قصّةُ يوسفَ الكريم ابن يعقوبَ ابن خليلِ الله إبراهيم

حين يكون العفافُ سيّدَ الموقِف في ظرفٍ تتهاوَى فيه عزائمُ الرّجال الأشدّاء ،

فضلاً عن فتًى غريبٍ نائي الأهلِ و الديار ،

حين راودته التي هو في بيتها عن نفسه ،



{ وَغَلَّقَتْ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ

قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ }



[يوسف:23] .



[ مَعَاذَ اللَّهِ ] ،



كلِمةٌ عظيمة في موقفٍ عصيب لا يقوَى عليه إلا صاحبُ الإيمان ،

فيصبِر عليه السلام رغمَ الوَعدِ و الوعيد و السّجنِ و التهديدِ ،

و يتجاوَزُ المحنةَ ، فآتاه الله الملكَ و علَّمه من تأويل الأحاديث ،

و أعظم من ذلك أنّه من عبادِ الله المخلَصين .

و فيه من العِبَر أنّ العِفَّةَ عاقبتُها الغناءُ و الاستغناء و نورُ القلب

و البصيرةُ و الضياء و العِلمُ و الفراسة و التّوفيق ؛

ذلك أنَّ العِفّةَ في حقيقتها مراقبةُ الله تعالى و خوفُه ،

و مَن راقب الله في خواطِرِه عصَمَه في حركاتِ جوارحه و أسبغ عليه رضاه ،



{ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ }



[البينة:8] ،



{ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ }



[الرحمن:46] ،



{ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى *

فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى }



[النازعات:40، 41] .



أيّها المسلمون ،



و لإهتِمامِ الإسلام بهذا الجانِبِ العظيم و لإمتداحِ الله المؤمناتِ



بقوله سبحانه و تعالى :



{ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ }



[النساء:34]



فقد حمى الله تعالى أعراضَ المؤمنات ،

و صانَ سُمعَتَهن أشدَّ صيانةٍ لكرامتِهن عند الله و حرمةِ جنابِهنّ



فقال سبحانه :



{ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ

لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ *

يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ *

يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمْ اللَّهُ دِينَهُمْ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ *

الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ

أُوْلَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ }



[النور:23-26] .



بل إنّ مَن قدح في عِرض العفيفة

فقد استوجَبَ الحدَّ و سقوطَ العدالة و استحقَّ صِفةَ الفِسق ،



{ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ

فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ }



[النور:4] .



ثمّ تأمّلوا ـ رعاكم الله ـ



كيف وصَف العفيفاتِ بالغافلات ،

و هو وصفٌ لطيفٌ محمود يصوِّر المجتَمَع البريء و البيتَ الطاهر

الذي تشِبّ فيه فتياتُه بعيداتٍ عن الدنايا و الآثام ،

يصوِّرُهنّ غافلاتٍ عن لوثَاتِ الطِّباع السّافلة ، غائباتٍ عن المعاني الرّديئة ،

ثمّ تأمَّل كيف تتعاوَن الأقلام السّاقِطة و الأفلام الهابِطة لتمزِّقَ حجابَ الغفلةِ هذا ،

و يتسابقون و يتنافَسون في هَتكِ الأستار

و فتحِ عيونِ الصّغار على ما يستحِي منه الكبار ،



و صدق الله العظيم إذ يقول :



{ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ

وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا }



[النساء:27] .



أيها الأحبة في الله :



إنَّ العالَم المنفَتِح على الجنسِ المتحلِّلَ منَ الفضيلةِ يئِنّ اليومَ

تحت وطأةِ الأمراضِ الوبائية و يجأرُ من التشتُّت الاجتماعيّ

و التفكُّك الأسريّ و التحلّل الأخلاقيّ ،

كما تشكو نساؤه و أطفالُه آلافَ الحالات من الاغتصابِ و تجارةِ الرذيلة ،

و التي نافَسَت تِجارةَ الأسلحة و المخدِّرات ،

و يسمّونها تجارةَ الرقيقِ الأبيض ، فأين الحرّيّة و الأمان ؟!

و أين الطّمأنينةُ و الاستقرار في هذه الفوضَى العارِمة

في اختلالِ الأخلاق و القيَم ؟!

إنَّ الحريّةَ الحقيقيّة التي بناهَا الإسلام هي عندَما يحِسّ أفرادُ المجتمع

بالأمنِ في حياتهم و أعراضِهم ، فيتحرَّكون بحرّيّةٍ و أمن ،

و تنتشِر الثِّقة و الطمأنينة و حُسنُ الظنّ ،

و يتفرَّغ الناس لمعاشِهِم و ما يصلِح دينَهم و دنياهم ،

و ذلك حين يتربَّى المجتمعُ رجالاً و نساء و ينشؤونَ على مظاهِرِ العِفّة

و الحِشمة و الورَع و لزومِ أمر الله تعالى ، فلا شكَّ و لا رِيبةَ ،

و لا خيانةَ و لا خَوف ، إنه الأمنُ و الطمأنينةُ و الحريّة ،

و لذلك في صدرِ الإسلامِ الأوَّل لم يمنَع ذلك صلاةَ المرأة في المسجِد

و مشاركتَها الجيشَ في المعركة و طلَبَها للعِلم و مداواةَ الجَرحى

و طلَبَ الرِّزق ، و لم يكُن في أحكامِ الشَّرع ما يمنعُها مصلحةً لها أو لغَيرها ،

بل كلُّه حِفظٌ وصيانة



كما قال تعالى :



{ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ }



[الأحزاب:59] .



و إذا تحرَّكتِ المرأة الطاهرةُ و الرجلُ الطاهر في البِيئة الطاهرة

وفقَ ما رسمَه الله من أحكامٍ بعيدًا عن الشّبُهات و الملوِّثات

فلا سبيلَ لجرثومةٍ أن تنفذَ .



أيّها المسلمون ،



و حيثَّ إن أعظمَ أبوابِ الشّرّ و أوّلَ مدخلٍ للشيطان هو إطلاقُ البَصَر

و الاختلاط لذا صارت أحكامُ الحجابِ و القَرار في البيوت

و الأمر بغَضِّ البصر للرجال و النساء ،



قال الحقّ سبحانه :



{ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ

ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ *

وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ }



[النور:30، 31] ،



بل حتى في الحديثِ العابِر بين الرّجل و المرأة الأجنبيّة عنه :



{ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ

فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا }



[الأحزاب:32] .



إنّه سدٌّ لمنافِذِ الشيطان كما في قولِ الله سبحانه :



{ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ

ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ }



[الأحزاب:53] .



أيّها المسلمون ، إنَّ الحياةَ الطاهِرة تحتاج إلى عزائِمِ الأخيارِ ،

و أمّا عيشةُ الرذيلة فطريقُها سهلُ الانحدار ،

و البيوتُ التي تظِلّها العفّةُ و الحِشمة تورِق بالعزِّ و الكرامة ،

أمّا البيوتُ التي يملؤهَا الفحشاء و المنكرُ فلن تنبُتَ إلاّ بالذّلِّ و المهانة ،

و إذا أمَر الله تعالى بوقايةِ النفس و الأهل

من النارِ التي وقودُها الناس و الحجارة



و أخبر النبيُّ صلى الله عليه و سلم



( أنَّ كلَّ راعٍ مسؤول عن رعيّته )



فإنَّ المسلِمَ يجب أن تكونَ له وقفةٌ للهِ لتجنيبِ نفسِه و من يَليه ما جلبته

وسائلُ الاتِّصال و البَثِّ مِن ذبحٍ للفضيلة و نشرٍ للرذيلة وإماتةٍ للغيرة ،

و كيف يستسيغُ مسلمٌ هذا الغثاءَ المدمِّر ؟!

أين الحياء ؟! أين المروءةُ ؟!

أين الحِفظُ و الصِّيانة مِن بيوتٍ هيَّأت لناشِئَتها أجواءَ الفتنة

و جلَبت لها محرِّضاتِ المنكَر ؛

تجرُّها إلى مستنقَعات الفُحش جرًّا و تَدُعُّها إلى الخطيئةِ دَعًّا ؟!

و مع أنَّ شهوةَ الجِنس كشهوةِ الطّعام قد تمتلِئ المعِدة

فتفتُر وقتًا عن طلَبها إلاّ أنَّ الذين يحِبّون أن تشيعَ الفاحشة

في الذين آمنوا لم يَفتروا ،

بل ملَؤوا الفضاءَ بكلِّ أنواع المثيراتِ و المغرِيات ،

و تفنَّنوا في إثارةِ الشّهَوات

و إيقادِ لهيبِ الغرائزِ في سُعارٍ أذهل الشيطان .



عباد الله :



إذا طغتِ الشهواتُ و اختلطَتِ النيات ،

فسدَتِ الأوضاع و اضطَرَبت الأحوال و حقَّ العذاب ،

و إن تُرِك الحبلُ على الغارِب ، يعيش الناسُ بشَهَواتهم

و يعبَثون بأخلاقِهم متجاوِزين حدودَ الله بلا وازعٍ و لا ضابطٍ

و بلا رادِعِ و لا زاجر ، فإن وعد الله حق ،

و سنة الله لا تحابي أحداً ،



{ فَلَوْلا كَانَ مِنْ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ

يَنْهَوْنَ عَنْ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ }



[هود:116] .



و مع كل ذلك التحذير ،

فإنَّ التحصين من الداخلِ و التربيةَ الذاتية و زرعَ المراقبةِ لله

في السّرِّ و العلَن مسؤولية الجميع ،



{ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ }



[هود:117] .



بارك الله لي و لكم في القرآن العظيم ، و نفعنا بسنة سيد المرسلين ،

أقول قولي هذا ، و أستغفر الله تعالى لي و لكم

ولسائر المسلمين و المسلمات من كلّ ذنب ،

فأستغفروه و توبوا إليه ، إنه هو الغفور الرحيم .





الحمد لله ربِّ العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ،

أحمده تعالى و أشكره ، و أثني عليه و أستغفره ،

و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،

و أشهد أن سيدنا و نبينا محمدا عبده و رسوله ،

صلى الله عليه و على آله و صحبه أجمعين .





أيّها المسلمون ،



إنَّ الغريزةَ مطبوعةٌ في دمِ الإنسان ،

و الله تعالى هو الذي خلَقَها بأمرِه و عِلمِه و حِكمتِه و ابتلائِه لخَلقِه ،

و جعلها وسيلةَ البقاء البشريّ ، و هو سبحانه أعلَمُ بما يُصلِحها ،



{ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }



[الملك:14] .



إنَّ الإسلامَ لم يتجاهَل هذه الغريزةَ ، و لم يقتُلها بالرّهبانيّة ،

و لا أطغاهَا بالإباحيّة ، بل جَعَل لها شاطئًا آمنًا تسبَح إلى بحره ،

و تطهُر في مائِه و تحيَا ببقائِه ، إنّه الزواج ،

أنبلُ صِفةٍ عرَفَتها الإنسانيّة لتكوينِ الأسرةِ و تربيةِ الأولاد

و نشرِ الألفةِ و الرّحمة و سكينةِ النفس في جوٍّ زّكيٍّ طهور ،

مع ضبطِ المشاعر و ترشيدِها نحوَ مكانها الصّحيحِ

بدلاً من ضَياعِها و تيهِها في العَبَث و الفساد .

و المسلمُ مأمورٌ ببلوغ هذا المدَى حتى يتحصَّنَ بالحلال :



{ وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ }



[النور:33] .



و قد كان مِن دعاءِ عباد الرحمن في القران :



{ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا }



[الفرقان:74] .



و حتى بعدَ الزواج فينبغِي تنميةُ جانبِ العفّة و الصيانة ،

و مِنه ما يُشرَع للمرأة مِنَ التحبُّب لزوجِها و التودُّد و حُسن التبعُّل

و قصرِ عينه لئلاَّ يتطلَّع لغيرها .

و كذلك الزوجُ ، يكفِي زوجتَه ، و يشبِع عاطفتَها بالكَلِمة الطيّبة

و العِشرة الحسنة و جبرِ الخواطر و سدِّ مداخل الشيطان

و أداءِ أمانة القِوامة في الأهل و الأولادِ و القيام بأمرِ الله

في كل شؤون الحياة .

و المؤمنُ أسيرٌ في الدنيا يسعَى في فكاكِ رقبته ،

لا يأمن نفسَه حتى يلقَى الله عزّ و جلّ ،

يعلَم أنّه مأخوذٌ عليه في سمعِه و بصرِه و لسانِه و جوارحِه ،

و من يستعفِف يعفّه الله ،



و في الحديث عن الحبيب صلى الله عليه و سلم :



( احفَظِ اللهَ يحفَظك )



و مَن كرُم عند الله فلن يخزيَه و لن يسوؤَه .

أسأل الله تعالى لي و لكم الهدى و التّقَى و العفافَ و الغنى .



و أطيعوا الله رحمكم الله



و اتقوه و عفوا أنفسكم و أهلكم و أبنائكم

ثم صلّوا على خير البرية و أزكى البشرية

محمّد بن عبد الله صاحب الحوض و الشفاعة ،

فقد أمركم الله بأمرٍ بدأ فيه بنفسه ، و ثنى بملائكته المسبِّحة بقدسِه ،

و أيّه بكم أيها المؤمنون ،



فقال جلَّ من قائل عليما :



{ إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا }



[الأحزاب: 56]



اللّهمّ صلِّ و سلِّم وبارِك على عبدِك و رسولك

سيدنا و نبيِّنا محمّد الحبيب المُصطفى و النبيّ المُجتبى ،

و على آله الطيبين الطاهرين ، و على أزواجِه أمّهات المؤمنين ،

و ارضَ اللّهمّ عن الخلفاء الأربعة الراشدين : أبي بكر و عمر و عثمان و عليٍّ ،

وعن الصحابة أجمعين ، و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يومِ الدين ،

و عنَّا معهم بعفوِك و جُودك و إحسانك يا أكرم الأكرمين .



و قال عليه الصلاة و السلام فيما أخرجه مسلم في صحيحه :



( مَن صلّى عليّ صلاة واحدة صلّى الله عليه بها عشرًا ) .



فاجز اللّهمّ عنّا نبيّنا محمّدًا صلى الله عليه و سلم خيرَ الجزاء و أوفاه ،

و أكمله و أثناه ، و أتمَّه و أبهاه ، و صلِّ عليه صلاةً تكون له رِضاءً ،

و لحقِّه أداءً ، و لفضلِه كِفاء ، و لعظمته لِقاء ، و تلقى منك سبحانك قبول و رضاء ،

يا خيرَ مسؤول و أكرمَ مأمول يا رب الأرض و السماء .



اللّهمّ إنّا نسألك حبَّك ، و حبَّ رسولك محمّد صلى الله عليه و سلم ،

و حبَّ العملِ الذي يقرّبنا إلى حبّك .



اللهم اجعل حبَّك و حبَّ رسولك صلى الله عليه و سلم أحبَّ إلينا

من أنفسنا و والدينا و الناس أجمعين .



اللّهمّ أعِزَّ الإسلام و المسلمين ، و أذلَّ الشركَ و المشركين ،

و أحمِ حوزةَ الدّين ، و أدِم علينا الأمن و الأمان و أحفظ لنا ولاة أمورنا ،

و رد كيد كل من أراد فتنة فى بلادنا فى نحره أو فى أى من بلاد المسلمين



اللهم أمنا فى أوطاننا و أصلح أئمتنا و ولاة أمورنا ،

و أنصر عبادَك المؤمنين فى كل بقاع الأرض و أحفظهم



اللهم و اشف مرضاهم و أرحم موتاهم و أجمع شملهم و وحد كلمتهم



اللهم آمنا فى أوطاننا و أصلح أئمتنا و ولاة أمورنا ،

و أنصر عبادَك المؤمنين فى كل بقاع الأرض و أحفظهم

و أحفظ أخواننا فى برد الشام و فى فلسطين و مينمار و أفغانستان و جميع المسلمين

اللهم و اشف مرضاهم و أرحم موتاهم و أجمع شملهم و داوى جرحاهم

و تقبل شهداءهم و أحفظ دينعم و أموالهم و أعراضهم



اللهم أرزقنا الغيت و لا تجعلنا من القانطين

اللهم أرزقنا الغيت و لا تجعلنا من القانطين

اللهم أرزقنا الغيت و لا تجعلنا من القانطين



اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب بفضلك و كرمك يا كريم يا تواب

ثم الدعاء بما ترغبون و ترجون من فضل الله العلى العظيم الكريم

أنتهت

و لا تنسونا من صالح دعاءكم .

و تجدونها فى ملف مرفق لمن يرغب فى الأحتفاظ بها

و لخطب فضيلته السابقة تفضلوا بزيارة موقعنا

www.ataaalkhayer.com

و به من خير الله الكثير

اما بالنسبة لموقع فضيلة الشيخ نبيل الرفاعى فهو :-

و أوصيكم بزيارتهما بأستمرار فبهما من خير الله الكثير

و بهما تستمعون لقرأة القرآن الكريم بالصوت الشجى و اللهجة الحجازية الأصيلة

تقبل الله منا و منكم صالح الأعمال و من جميع المسلمين


All times are GMT +3. The time now is 09:08 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.