بيت عطاء الخير الاسلامي

بيت عطاء الخير الاسلامي (http://www.ataaalkhayer.com/index.php)
-   رسائل اليوم (http://www.ataaalkhayer.com/forumdisplay.php?f=27)
-   -   صديقتي والاجتماعية (http://www.ataaalkhayer.com/showthread.php?t=58990)

حور العين 11-29-2018 07:14 AM

صديقتي والاجتماعية
 
من الإبنة/ إسراء المنياوى

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9642

صديقتي والاجتماعية

أ. شريفة السديري

السؤال

أطلب منكم حلاًّ لمشكلة صديقتي.



تعرَّفت على إحدى صديقاتي في مجال العمل منذ أن بدأت الدوام عندنا

، لكن لم تحتكَّ بي إلاَّ بعد مُضِيِّ فصل دراسي كامل، فطبيعتها ليست اجتماعية.



بعد أن احتكَّتْ بي أصبحنا صديقتين بالمدرسة وبالهاتف، لكن هي لا

تتحدَّث مع بقيَّة المعلِّمات إلاَّ في حدود العمل وشيء يسير

جدًّا خارج العمل، أنا فقط التي تتكلَّم معي بأرْيحيَّة.



طبعًا سألتها: ما السبب؟ فقالت: أنا تعبت من الاجتماعية، ولا أريد الاجتماعية.



هي بالمدرسة هادئة جدًّا، لكنها بالمنزل مَرِحَة، صوتها مُناسِب،

تتحدَّث كثيرًا، شخصيَّتها مُغايِرة تمامًا عن المدرسة.



لا أنسى عندما داومَتْ صديقتي بالمدرسة كانت في ظروف صعبة،

فارتبَطَ مكان عملها بتلك الظروف، فلم تحتكَّ بأحد.



تجلس لتُصَحِّح بجانب فصلها لا تذهب لغرفة المعلِّمات إلا قليلاً.



دومًا تأخذ حِصَصًا إضافيَّة لحبُّها لتلميذاتها، ولكيلا تجلس مع أحد،

لكن بعد أن تعرَّفت عليَّ بدأَتْ تقلِّل من الحِصَص الإضافية.



سؤالي: كيف أُخرِجها ممَّا هي فيه، وأجعلها اجتماعية؛

لأنني وجدت أشياء سلبيَّة تتولَّد من بُعدِها عن المجتمع؟



وهل اختلاف الشخصيَّة بالمدرسة عن المنزل غريب؟



ملاحظة: صديقتي خَلُوقٌ ذات تعامُلٍ راقٍ، مهتمَّة بعملها،

ذات بيئة دينية جيِّدة، وحجابها جيد.



وجزاكم الله خيرًا.

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم



عزيزتي، قرأتُ الاستشارة عِدَّة مرَّات لأبحث

عن مشكلة صديقتك، لكنَّني لم أجدها.



تقولين: إن المشكلة في أنها ليست اجتماعيَّةً، وأقول لك:

وما المشكلة في هذا؟ هناك الكثيرون جدًّا ممَّن يُعتَبرون "

قليلي الاختلاط بالناس" وليسوا "انطوائيِّين"، أنتِ قلتِ:

إنها لا تتحدَّث مع المعلِّمات إلا في حدود العمل، وقليلاً جدًّا

في أمورٍ خارج العمل، إذًا فهي تتحدَّث ولكن قليلاً فقط.



جميلٌ جدًّا اهتمامك بها وحرصك عليها الذي يدلُّ على قدرها الكبير في نفسك،

لكن تخيَّلي معي لو أتاكِ شخصٌ ما وقال لكِ: يجب أن تقلِّلي

من اختلاطك بالناس وتصبحي أقلَّ كلامًا معهم، وتبتعدي عن الجلوس

معهم طوال الوقت، ماذا سيكون ردُّ فعلك؟ ستستغربين وتقولين:

وما المشكلة في ذلك؟! فهذه طبيعتي وشخصيَّتي، وأنا سعيدة

هكذا ولا أواجه أيَّ مشاكل، والأمر كذلك تمامًا مع صديقتك،

هذه طبيعتها وشخصيَّتها، هي سعيدة هكذا، ولم تُواجِه أيَّ مشكلة؛

مثل أن يمنعها انطواؤها من العمل أو المشاركة في المجتمع.



الشخصيات مختلفة باختلاف أصحابها، لكلِّ واحدٍ شخصيتُه

التي تكوَّنت من خلال بيئته وحياته التي عاشَهَا والمواقف التي مَرَّ بها،

والتجارب التي شكَّلت فكره وصاغَتْ طريقته في الحياة،

والتي تختلف عن حياتك وتجاربك، أو حياة أيِّ شخص آخر.



كونها لا تحبُّ الحديث مع أيِّ أحدٍ، فهي ربما واجهَتْ من قبلُ موقفًا

جعَلَها تقرِّر هذا الأمر، أو أن طبيعتها فرضَتْ عليها ذلك.



في النهاية: ليست هناك مشكلة في هذا الأمر، فالمشكلة تكون

مشكلة إذا عاقَت الشخص عن عيش حياته بصورة طبيعية،

وأنتِ قلت بأنها تأخذ حِصَصًا إضافيَّة لكيلا تجلس مع أحدٍ،

وبسبب حبِّها لطالباتها، إذًا هي تحبُّهم وعلاقتها بهم طيِّبة وجميلة،

وأنتِ تقولين: إنها خَلُوق وتعامُلها راقٍ، مهتمَّة بعملها ودينها

وحجابها؛ فهي شخصيَّة ممتازة جدًّا؛ بِناءً على وصفك.



وأمَّا الأشياء السلبية التي تقولين: إنها تولَّدت بسبب بُعْدِها عن المجتمع،

فأنتِ لم تذكريها لنا، فربَّما ليست سلبيَّة من وجهة نظرها، بل وربما تراها إيجابية.



أمَّا بالنسبة لشخصيَّتها المختلفة في البيت عن المدرسة،

فهذا طبيعي جدًّا، فأنت نفسكِ حين تكونين في المنزل تتصرَّفين

بطريقة مختلفة عن المدرسة، وتقولين أمورًا لا تقولينها في المدرسة،

وترتدين ملابس لا ترتدينها في المدرسة، وهكذا في باقي أمور حياتك،

في المدرسة مختلفة عن البيت، مختلفة عن الصديقات،

عن اجتماعات العائلة... إلخ.



فالذكيُّ هو الذي يختار الطريقة الأفضل للتعامُل مع كلِّ شخص وكلِّ مجتمعٍ

على حِدَةٍ، بما يُناسِب ذاك الشخص أو المجتمع، ولا يُخالِف شخصيَّته وتعاليم الدين.



عزيزتي، نظرة كلِّ واحدٍ مِنَّا للحياة تختلف عن نظرة الآخر،

وكلُّ شخصٍ يتعامَل مع الحياة انطلاقًا من تجاربه وخبرته

معها، والله - سبحانه وتعالى - يقول:

{ وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ }

[هود: 118]،

وهذا الاختلاف هو الذي يُعطِي الحياة غِناها وتنوُّعها وتميُّزها،

ليتعلَّم كلُّ واحدٍ مِنَّا ما يجهله، ويتعلَّم خبرة جديدة تُفِيده،

ويتعامَل مع شخصيَّة مختلفة عنه تصقل عقله وشخصيَّته.



وفَّقكِ الله عزيزتي، ورزقَكِ الحكمة والسداد، وجعلَكِ من عباده المُخلَصِين.

منقول للفائدة



All times are GMT +3. The time now is 02:26 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.