بيت عطاء الخير الاسلامي

بيت عطاء الخير الاسلامي (http://www.ataaalkhayer.com/index.php)
-   رسائل اليوم (http://www.ataaalkhayer.com/forumdisplay.php?f=27)
-   -   درس اليوم4783 (http://www.ataaalkhayer.com/showthread.php?t=67673)

حور العين 02-25-2020 10:06 PM

درس اليوم4783
 
من:إدارة بيت عطاء الخير

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم
معنى اسم الخالق والخلاَّق (07)

وقولُهُ: { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }، قِيلَ: إنَّه تعليلٌ للأمر. وقِيْلَ: تعليلٌ للخَلْقِ، وقيل:
المعنى اعبدُوه لتتَّقوه بعبادتِهِ، وقيل: المعنى خلقَكُمْ لتتَّقوه وهو أظهرُ لوجوهٍ:

أحدُها: إنَّ التَّقوى هِيَ العبادةُ والشَّيءُ لا يكونُ عِلّةً لنفسِهِ.

الثاني: إنَّ نظيرَهُ قولُهُ تعالى: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }
[الذاريات: 56].

الثالث: إنَّ الخلقَ أقربُ فِي اللفظِ إلى قولِهِ: { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }،
تعليلًا للأمرِ بالعبَادةِ.

ونظيرُهُ قولُهُ تعالى: { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة: 183]، فهذا تعليلٌ لِكَتْبِ الصِّيام، ولا يمتنعُ أنْ يكونَ
تعليلًا للأمرين معًا وهذا هو الأليقُ بالآية واللهُ أعلمُ.

ثُمَّ قال تعالى:
{ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً
فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ } [البقرة: 22]، فذكرَ تعالى دليلًا آخَرَ
متضَمِّنًا للاستْدلالِ بحكمتِهِ فِي مخلوقَاتِهِ، فالأوّلُ متضمِّنٌ لأَصْلِ الخلقِ
والإيجادِ، ويُسمَّى دليلَ الاختراعِ والإنْشاءِ.

والثاني: مُتضمِّنٌ للحِكَمِ المشهودةِ فِي خَلْقِهِ ويُسمَّى دليلَ العنايَةِ والحِكْمَةِ.

وهو تعالى كثيرًا ما يكرِّرُ هذين النوعين مِنَ الاستدلالِ فِي القرآنِ ونظيرُهُ
قوله تعالى:

{ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ
الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ
* وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ }
[إبراهيم: 32، 33]،
فذكَرَ خَلْقَ السَّماواتِ والأرضِ، ثُمَّ ذكَرَ منافعَ المخلوقَاتِ وحِكَمَهَا.

ونظيرُه قولُهُ تعالى:
{ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ
ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ *
أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ
الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا } [النمل: 60، 61]، إلى آخِرِ الآياتِ على أَنَّ فِي هذه الآياتِ
مِنَ الأسرارِ والحِكَمِ ما يَحْسَبُ عقولَ العالمينَ أن يفهمُوه ويدرِكُوه،
ولعلَّه أن يَمُرّ بك إنْ شاء الله التنبيهُ على رائحةٍ يسيرة من ذلك.

ونظيرُ ذلك أيضًا قولُه تعالى:
{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي
فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ
بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ
السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } [البقرة: 164]،
وهذا كثيرٌ فِي القرآنِ لمَنْ تأمَّلهُ.

وذكر سبحانَهُ فِي آيةِ البقرةِ قرارَ العالَمِ وهو الأرضُ، وسقفَهُ وهو السماءُ،
وأصولَ منافعِ العبادِ وهو الماءُ الذي أنزله من السَّماءِ. فذكر المسكنَ
والسَّاكنَ وما يحتاجُ إليه من مصالحِهِ، ونبَّه تعالى بجعْلِهِ للأرضِ فراشًا على
تَمامِ حِكمتِهِ فِي أَنْ هيَّأَهَا لاستقرار الحيوان عليها فجعلها فِراشًا ومهادًا
وبساطًا وقرارًا، وجعل سقفَها بناءً، مُحكمًا مستويًا لا فُطورَ فيه
ولا تفاوتَ ولا عَيْبَ.

ثُمَّ قال: { فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [البقرة: 22].

فتأمَّلْ هذه النتيجةَ وشِدَّةَ لزومِها لتلك المقدِّماتِ قبلها وظَفَرَ العقل بها بأولِ
وهلةٍ، وخلوصَها مِن كلِّ شُبهةٍ ورِيْبَةٍ وقادحٍ، وإنَّ كلَّ متكلِّمٍ ومُستدلٍّ
ومِحْجاجٍ إذا بالغ فِي تقريرِ ما يُقَرِّرُه وأطالَه وأعرضَ القول فيه، فغايتُه
إنْ صَحَّ ما يذكرُه أن ينتهيَ إلى بعضِ ما فِي القرآنِ.

فتأمَّلْ ما تَحْتَ هذه الألفاظِ مِن البُرهانِ الشافي فِي التوحيدِ؛ أي: إذا كان اللهُ
وَحْدَهُ هو الذي فَعَلَ هذه الأفعالَ، فكيف يجعلونَ له أندادًا، وقد علِمتم
أنه لا نِدَّ له يُشارِكُه فِي فِعْلِهِ[22].



أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين




All times are GMT +3. The time now is 02:35 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.