بيت عطاء الخير الاسلامي

بيت عطاء الخير الاسلامي (http://www.ataaalkhayer.com/index.php)
-   رسائل اليوم (http://www.ataaalkhayer.com/forumdisplay.php?f=27)
-   -   درس اليوم 4866 (http://www.ataaalkhayer.com/showthread.php?t=69693)

حور العين 06-25-2020 02:28 PM

درس اليوم 4866
 
من:إدارة بيت عطاء الخير

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم
معنى اسم الله التواب (03)

ثمرة الإيمان باسم الله التواب:
1- اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَوَ (التَّوَّابُ) الذِي لَمْ يَزَلْ يَتُوبُ عَلَى التَّائِبِينَ، وَيَغْفِرُ
ذنوبَ المُنِيبِينَ، فَكُلُّ مَنْ تَابَ إِلَى الله تَوْبَةً نَصُوحًا تَابَ الله عَلَيْهِ وَقَبِلَهُ.
فَهُوَ التَّائِبُ عَلَى التَّائِبِينَ أَوَّلًا بِتَوْفِيقِهِم للِتَّوْبَةِ، وَالإِقْبَالِ بِقُلُوبِهِم إِلَيْهِ.
وَهُوَ التَّائِبُ عَلَى التَّائِبِينَ بَعْدَ تَوْبَتِهِم قَبُولًا لَهَا وَعَفْوًا عَنْ خَطَايَاهُم.

فَهُوَ سُبْحَانَهُ يُوَفِّقُ عِبَادَهُ للِتَّوْبَةِ، وَيَقْبَلُهَا مِنْهُم وَيُثِيبَهُم عَلَيْهَا،
فَسُبْحَانَ التَّوَّابِ الرَّحِيمِ، الجَوَادِ الكريمِ.

قَالَ الأُقْلِيشيُّ: "سَمَّي الله سُبْحَانَهُ نَفْسَهُ تَوَّابًا؛ لِأَنَّهُ خَالِقُ التَّوْبَةِ فِي قُلُوبِ
عِبَادِهِ، وَمُيَسِّرُ أَسْبَابَهَا لَهُم، وَالرَّاجِعُ بِهِم مِنَ الطَّرِيقِ الَّتِي يَكْرَهُ
إِلَى الطَّرِيقِ الَّتِي يَرْضَى.

وَسَمَّي نَفْسَهُ أَيْضًا (تَوَّابًا) لِقَبُولِهِ تَوْبَةَ مَنْ يَرْجِعُ إِلَيْهِ.

وَمِنَ القِسْمِ الأَوَّلِ قَوْلُه تَعَالَى: { ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا } [التوبة: 118].

وَمِنَ القِسْمِ الثَّانِي قَوْلُه تَعَالَى: { فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ
فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ } [المائدة: 39].

فَبِهَذَيْنِ القِسْمَينِ سَمَّي نَفْسَهُ تَوَّابًا.

وَلَقَدْ جَهِلَ المُعْتَزِلِيُّ الحَقِيقَةَ فَأَنْكَرَ القِسْمَ الأَوَّلَ، وَهُوَ خَلْقُ التَّوْبَةِ فِي قَلْب
العَبْدِ، وَهَذَا مَطْمُوسُ القَلْبِ عَنْ طَرِيقِ القَصْدِ.

وَلَمَّا كَانَت المَعَاصِي مُتَكَرَّرَةً مِنْ عِبَادِهِ، جَاءَ بِصِيغَةِ المُبَالَغَةِ،
لِيُقَابِلَ الخَطَايَا الكَبِيرَةَ بِالتَّوْبَةِ الوَاسِعَةِ".

وَقَالَ ابْنُ الحَصَّارِ: "قَالَ الله العَظِيمُ:

{ لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ
فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ } [التوبة: 117].

فَقَالَ فِي الآيَةِ الأُولَي: { مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ }
[التوبة: 117]. تَصْرِيحٌ بِتَوْبَتِهِ عَلَى الإِطْلاَقِ عَلَى مَنْ وَاقَعَ الذَّنْبَ،
أَوْ كَانَتْ مِنْهُ مُخَالَفَةٌ وَعِصْيَانٌ.

فَتَوْبَةُ الله عَلَى العَبْدِ قَدْ يُرَادُ بِهَا تَجْدِيدُ التَّوْبَةِ وَتَوَالِيهَا عَلَيْهِ،
كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ
عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ } [النساء: 136].

مَعْنَاهُ جَدِّدُوا الإِيمَانَ وَاسْتَدِيمُوهُ وَاثْبُتُوا عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
{ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } [الفاتحة: 6].

وَوَصْفُهُ بِأَنَّهُ (التَّوَّابُ) مُبَالَغَةٌ؛ لِكَثْرَةِ مَنْ يَتُوبُ عَلَيْهِ، وَلِتَكْرِيرِهِ ذَلِكَ فِي
الشَّخْصِ الوَاحِدِ حَتَّى يَقْضِيَ عُمْرَهُ، وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ وَصْفَهُ سُبْحَانَهُ ب (التَّوَّابِ)
خَلْقُهُ التَّوْبَةَ للِعَبْدِ وَقَبُولُهَا مِنْهُ، كَمَا قَالَ:

{ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ } [الشورى: 25]،
أَيْ: يَقْبَلُ تَوْبَتَهُم، كَمَا قيِلَ لَهُ عَزَّ وَجَلَّ تَوَّابٌ".

2- اللهُ تَعَالَى هُوَ المُتَفَرِّدُ بِقَبُولِ تَوْبَةِ التَّائِبِينَ مِنْ عِبَادِهِ، لاَ يُشْرِكُهُ فِي ذَلِكَ
أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ وَالخَطَايَا إِلَّا هُوَ.

قَالَ القُرْطُبيُّ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ كَلاَمَ الأُقْلِيشِيِّ وَابْنِ الحَصَّارِ: "وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَاعْلَمْ
أَنَّهُ لَيْسَ لأَِحَدٍ قُدْرةٌ عَلَى خلْقِ التَّوْبَةِ فِي قَلْبِ أَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ المُنْفَرِدُ
بِخَلْقِ الأَعْمَالِ وَحْدَهُ خِلاَفًا للِمُعْتَزِلَةِ وَمَنْ قَالَ بقَوْلِهِم.

وَكَذَلِكَ لَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَقْبَلَ تَوْبَةَ مَنْ أَسْرَفَ عَلَى نَفْسِهِ وَلاَ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ.

قَالَ ابْنُ الحَصَّارِ: "وَقَدْ كَفَرَتِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى بِهَذَا الأَصلِ العَظِيمِ فِي
الدِّينِ، اتَّخَذَوا أَحْبَارَهُم وَرُهْبَانَهُم أَرْبَابًا مِنْ دُونِ الله عز وجل، وَجَعَلُوا لِمَنْ
أَذْنَبَ أَنْ يَأْتِيَ الحَبْرَ أَوِ الرَّاهِبَ فَيُعْطِيهِ شَيْئًا، وَيَحطُّ عَنْهُ الذَّنْبَ!!

{ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ } [الأنعام: 140]".

وَهُوَ مَا يُسَمَّي ب (صُكُوكِ الغُفْرانِ)!! وَهِي مِنْ ضَلَالَاتِهم الكَثِيرَةِ الَّتِي أَضَلُّوا
بِهَا النَّاسَ وَأَكَلُوا بِهَا أَمْوَالَهُم بِالبَاطِلِ دُهُورًا طَوِيلَةً كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ:

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ
النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } [التوبة: 34].

فَلَيْسَ لأَحَدٍ مِنْ خَلْقِ الله تَعَالَى - مَلَكًا كَانَ أَوْ رَسُولًا - سُلْطَانٌ فِي مَحْوِ الذَّنْبِ
أَوْ سَتْرِهِ، أَوْ تَلَقِّي الاعْتِرَافَ بِالذَّنْبِ، سِوَي الرَّبِّ التَّوَّابِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
إلَّا الشَّفَاعَةَ وَهِيَ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأذَنَ الله لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى مِنْ عِبَادِهِ.

وَفِي تَقْرِيرِ هَذَا يَقَولُ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى:

{ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ
وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ } [آل عمران: 135].

وَفِي الدُّعَاءِ الذِي عَلَّمَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأَِبِي بَكْرٍ:
"اللَّهُمَّ إِنَّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَبِيرًا - أَوْ كَثِيرًا - وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ،
فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكِ وَارْحَمْنِي، إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ".

وَفِي الآيَةِ الكَرِيمَةِ وَهَذَا الدُّعَاءِ إِقْرَارُ الوَحْدَانِيَةِ لَهُ فِي التَّوْبَةِ، إِذْ مَعْنَاهُمَا
أَنَّهُ لاَ يَفْعَلُ هَذَا إِلَّا أَنْتَ فَافْعَلْهُ لِي.

أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين




All times are GMT +3. The time now is 07:40 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.